منقول من صحيفة البلاد
2008-12-16
جِدُّ جميل أن نحتفل كل عام باليوم الوطني، فالوطن ـ أي وطن ـ عزيز على قلوب كل المنتمين إليه، وكلمة “ الوطن “ في ذاتها تحمل قيم ومعاني ودلالات عظيمة، وعلاقة المواطن المخلص والصادق بوطنه ليست علاقة شكلية هشة طارئة من ذلك النوع الذي ينتهي بإنتهاء الحدث أو تلك التي تختزل حب الوطن في انتقاء أجمل الكلمات ونظمها شعراً أو رفعها شعاراً لهنيهة من الزمن لغاية أو لأخرى، وإنما هي علاقة عضوية متجذّرة ومتجدّدة ومليئة بالمشاعر النبيلة الجيّاشة التي تقود دونما شعور إلى تقديم التضحيات والعطاءات اللامحدودة في سبيل حرية الوطن وكرامته ونمائه واستقراره ووحدته، وهي العلاقة التي يعتبر المواطن نفسه في كنفِها جزءاً لا ينفصل عن الوطن.. يسعد لسعادته ويتألّم لألمه.
وهي في ذات الوقت علاقة تزاوجية تبادلية فكل منهما يمنح الآخر ويأخذ منه، ولأن المواطن المخلص يعطي ويضحي من أجل الوطن فلا بد أن يتمتّع هو الآخر بكافة الحقوق التي تضمن له أسباب العيش الكريم والاطمئنان والازدهار، ونتساءل: هل يستقيم الحال فيما لو تخلّف أحدهما عن التزاماته تجاه الآخر؟
ولنقدّم مثالاً افتراضياً فحسب لمجتمع افتراضي أيضاً ـ ربما يكون قريب منا أوبعيد ـ سادت فيه بعض الممارسات والسلوكيات اللاسوية التي نبتت في ظلام الليل الطويل الذي خيّم على الوطن في حقبة ماضية ولم تنجح سنوات التحول الديمقراطي بعد في محو بصماتها.
ويأتي في قائمة المظاهر السلبية والفاسدة في هذا المجتمع الافتراضي: توزيع غير عادل للثروة الوطنية حيث تتركز الثروة في أيدي قلة بينما تعيش نسبة عالية من المواطنين تحت خط الفقر/ لا يحصل فيه الكثير من المواطنين على أجور مرضية وكافية ولا يجد كثير منهم وظائف لائقة فضلاً عن البطالة / اجراءت وسياسات تزيد الأثرياء ثراء والفقراء فقراً / اصلاحات اقتصادية متسارعة والبعد الاجتماعي فيها معدوم / فساد إداري ومالي في الغالبية الساحقة من الوزارات والمؤسسات الحكومية / صرف جزء كبير من المال العام في أمور لا طائل منها / غياب الشفافية في المال العام / عجز يواجه صندوق التأمين الاجتماعي/ استيلاء على أراضي الدولة / عشرات الألوف من الطلبات الإسكانية للمواطنين على قائمة الانتظار / تجنيس سياسي وعشوائي خلّف الكثير من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن السياسية / حرية الكلمة مكبّلة / برلمان منتقص الحقوق والصلاحيات / تدخلات من جانب السلطة التنفيذية في السلطة التشريعية والسلطة القضائية / تدخلات قسرية من الحكومة في الانتخابات النيابية والبلدية / تدني الخدمات الصحية / انخفاض مخرجات التعليم / تدني خدمات الكهرباء والماء/ تخطيط شوارع متخلّف نتج عنه ازدحامات واختناقات مرورية شديدة / غياب جهاز للتخطيط / لا يوجد تنويع لمصادر الدخل / التعيين وفق الولاء والمحسوبية لا وفق الكفاءة / حقوق مبدّدة / تفشّي الواسطة / هيبة الدولة مزعزعة / فوضى أمنية وتزايد جرائم السرقة والمخدرات / عمالة أجنبية دون حساب / الاتجار بالرقيق الأبيض تحت عنوان السياحة/ تدمير للثروات الطبيعية ومخاطر بيئية كبرى دون تدابير أمنية، كل ذلك وغيره الكثير والناس في ذلك المجتمع الافتراضي محبطة وغاضبة مما تشاهده حولها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل في ظل هذه الأحوال التي أتينا على ذكرها سلفاً نتوقع أن يستمر المواطنون بذات القدر من الحب والاعتزاز والولاء والعطاء والتضحية لهذا الوطن الافتراضي؟؟ هذا مجرد سؤال بحاجة إلى تأمّل ونحن نحتفل باليوم الوطني.
وكل عام والبحرين شعباً وقيادة بألف خير،،،