بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية

بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية

مشاركة غير مقروءةبواسطة BAHRAIN LAW » الأحد أكتوبر 05, 2008 6:18 pm

[align=center]بعض تطبيقات الغبن
في القانون الوضعي
في ضوء الشريعة الإسلامية
بقلم
الشيخ المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقا
و الباحث في الدراسات الفهقية والقانونية[/align]



































إن الحمد لله نحمده و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره وسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
وقال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
وقال جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .
و بعد :

هذا المبحث جديد لنا سوف نبحث فيه – بفضل الله تعالى - بعض تطبيقات الغبن في القوانين العربية{المصرية،السورية،اللبنانية}ذلك أن هناك حالات أخذ المتشرع فيها بفكرة الغبن وفق النظرية المادية وذلك بمقتضى نصوص خاصة بكل حالة على حده،وقد أشارت المادة/130/ مدني مصري والمادة/131/مدني سوري إلى هذه الحالات بقولها:{يراعى في تطبيق المادة السابقة عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود أو بسعر الفائدة}.
والذي دعا المتشرع إلى الأخذ بفكرة الغبن وفق هذه النظرية في هذه الحالات حرصه على أن يضمن الحماية فيها للطرف المغبون على أساس محدود وبطريقة يسهل فيها الإثبات.
وعلى هذا نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب هي :

المطلب الأول : الغبن في ظل شركة حصة الأسد .
المطلب الثاني : الغبن في ظل عقد الإذعان.
المطلب الثالث: الغبن في ظل القسمة الاتفاقية .
المطلب الرابع : الغبن في ظل عقد الوكالة.



المطلب الأول
الغبن في شركة حصة الأسد

شركة الأسد: هي التي يعفى فيها أحد الشركاء من تحمل الخسائر مع مقاسمته للأرباح ، أو يحرم من الأرباح مع تحمله للخسائر.

ذلك أن من مقومات عقد الشركة أن يساهم كل شريك في أرباحها و في خسائرها بنصيب ما، و إلا كانت الشركة باطلة لإنتقاء نية المشاركة ، فإذا نص عقد الشركة على ألا يساهم شريك في الربح ، فمعنى ذلك أن يحقق الربح دون خسارة ، فيكون له الغنم ولغيره الغرم .
ولا شك أن الطرف الذي يأخذ الأرباح دون أن يتحمل الخسائر هو الغابن ، لذلك من الواجب حماية هذا المغبون و إعادة الأمور إلى نصابها، فليس من الضروري أن يتم توزيع الأرباح بالتساوي بين الشركاء مادام كل منهم يحصل على نسبة جدية من الربح.

لنرى الآن كيف عالجت التشريعات العربية {اللبنانية ، السورية ، المصرية } هذا الموضوع:
ذهبت القوانين العربية { اللبناني في المادة 835 موجبات وعقود ، والمصري في المادة515 مصري ، و السوري في المادة 483 مدني إلى بطلان الشركة المتضمنة شرط الأسد ، فنصت المادة: 483مدني سوري على ما يلي :
1-إذا اتفق على أن أحد الشركاء لايساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها ،كان عقد الشركة باطلاً .
2- يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم غير عمله من المساهمة في الخسائر بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله .
فإذا اتفق الشركاء على أن يأخذ أحد الشركاء بعض أرباح الشركة دون أن يتحمل أي خسارة تتناسب مع حصته ، أو اتفقوا على أن يتحمل أحد الشركاء الخسائر من دون غيره مع حرمانه من كافة الأرباح ، فلا جرم بأن هذا الاتفاق يحوي بين طيّاته غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة ، لذلك رأينا ان المتشرع قد تفاعل مع هذا الغبن فنص على بطلان ، ليس فقط ذلك الشرط بل بطلان الشركة كلها بطلاناً مطلقاً.
وكذلك الأمر إذا نص عقد الشركة على أن أحد الشركاء يجني الأرباح مع أن نصيبه تافهاً إلى حد أنه غير جدي ، فإن هذه الشركة تكون باطلة ، وتكون أيضاً باطلة إذا نص العقد على أن أحد الشركاء لا يتحمل الخسائر أو أن يتحمل بعض الخسائر إلى حد عدم الجدية.
ويجوز التفاق على إعفاء الذي قدم عمله فقط كحصة في الشركة من الخسائر إذا لم يقرر له أجراً عن عمله ، لأنه سوف يتحمل الخسائر عن طريق عدم أخذه لأي مبلغ لقاء عمله إن خسرت الشركة.
نصت الفقرة الثانية من المادة 515 مدني مصري والمادة 483 مدني سوري صراحة على هذا الحكم ، وقد رأينا مما سلف أنه يجوز الإتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم إلا عمله كحصة من الخسائر على أن لا يكون قد تقرر له أجراًلقاء عمله.
وشركة حصة الأسد في أي صورة من صورها باطلة بطلاناً مطلقاً في القوانين اللبنانية والمصرية والسورية ، بحيث يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان،كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على هذه الشركة الإجازة ولا يسري في حقها التقادم .
وبعد ما أوردنا فيما تقدم حكم هذه الشركة في القوانين الثلاثة لنر مدى انطبات الغبن عليها ، وإذا ما انطبق الغبن عليها ، فهل ينطبق عليها الغبن في ضوء النظرية المادية أم في ضوء النظرية الشخصية ، وهل كانت تلك القوانين موفقة في نصها على بطلان تلك الشركة بطلاناًمطلقاً أم لا ؟؟.
في البداية كما نعلم أن للغبن في ضوء النظرية المادية عنصرين بينما الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر، لنطبق هذه العناصر على شركة الأسد لنرى أي النظريتين أجدر لحل مشـكلة هذه الشــركة.
{أ} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية المادية على شركة الأسد؟؟:
لا حظنا أن أحد صور شركة الأسد أن يستأثر أحد الشركاء بالربح دون أن يتحمل أي خسارة ، ولنطبق هذه الصورة على عناصر الغبن وفق النظرية المادية.
{العنصر الأول}قيمة الشيء:
فالعبرة بقيمة الشيء بحد ذاته تبعاً للقوانين الاقتصادية ، ولنفترض أن الشركاء في المثال السابق قد دفعوا حصصاًمتساوية في القيمة النقدية.
{العنصر الثاني}درجة الاختلال في هذا التعادل:
نرى أن الشريك الذي حصل على حصة الأسد قد تقدم بحصة مثله مثل باقي شركائه ومع هذا فإنه يأخذ ربحاً فاحشاً لايتعادل مع حصته ودون أن يتحمل أية خسارة .

{ب} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية الشخصية على شركة الأسد:
كما أصبحنا نعلم أن الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر لنطبق تلك العناصر على شـركة الأسـد.
{1} قيمة الشيء:
قيمة الحصص لا تقيم بسعر السوق ولكن بالسعر الشخصي ، فربما قيّم أحد الشركاء حصته بأنها تساوي حصة الأسد وبالتالي يجب أن يستأثر بالأرباح دون أن يتحمل أي خسـارة.
{2} استغلال ضعف الشريك المغبون:
قد يكون الشريك صاحب حصة الأسد من ذوي النفوذ والسلطة مما يجعله يستغل باقي الشركاء ليحصل على هذه الحصة دون خسارة فعلية.

{3} أن هذا الاستغلال هو الذي دفع إلى التعاقد:
فلولا سلطة وبطش ذاك الشريك لما رضخ له باقي الشركاء على الرغم مما تحوي هذه الشركة من الغبن الفاحش.

ومما تقدم نلاحظ أن الشرط الأول قد لا يتحقق أما باقي الشروط فقد تحققت وبالتالي لا يمكن أن يكون للغبن وفق النظرية الشخصية أي مفعول إلا بتحقيق شروطها الثلاث معاً.

أما إذا طبقنا على شركة الأسـد شروط الغبن وفق النظرية المادية فإنها تستطيع أن تفرش جناحيها حامية بذلك الشريك المغبون من هذا الغبن الفاحش وتعيد الأمور إلى نصابها بأن يتعادل الشركاء بالخسائر والأرباح كل وفق حصته.
وبعد أن شاهدنا أن الغبن ينطبق انطباقاً تاماً على شركة الأسد فلماذا لا نطبق عليها أيضاً حلول الغبن !!.
فجزاء الغبن هو إما البطلان و إما إعادة التوازن بين الإلتزامات أما جزاء شركة الأسـد في القانون هو البطلان المطلق مع العلم بأن نص المادة/515/مدني مصري،ونص المادة/483/مدني سوري كانا في المشروع التمهيدي كما يلي:
{الشركة تكون قابلة للإبطال لمصلحة من يضار من الشركاء بشرط عدم المساهمة في الخسارة /وهم سائر غير من أعفى من المساهمة في الخسارة/أو لمصلحة الشريك الذي اشترط عليه عدم المساهمة في الربح}.
بيد أن النص أجود حكماً من نص المادة /515/مدني مصري،و/483/مدني سوري لأنه يحقق هدفين وهـما:
1-المحافظة على المراكز القانونية التي نشأت في ظل هذه الشركة.
2-حماية الطرف المغبون من هذا الشرط بأن يكون البطلان لصالح المغبون إن لم تصبح الموجبات بين الشركاء متعادلة كل وفق حصته في الأرباح والخسائر.
فالتشريعات الوضعية العربية {اللبنانية،المصرية،السورية}أرادت أن تضع نصاً يُرهب من يريد مثل هذه الشركة ولم ترد أن تعترف بها ثم تحل مشاكلها وتعقيداتها ومع هذا أميل إلى أن تطبق على هذه الشركة حلول الغبن و آثاره .
أما بالنسبة لشرط الأسد فهو الباطل وهذا البطلان لا يسري عليه التقادم الطويل ويستطيع كل ذي مصلحة أن يطلب بطلان هذا الشرط ،كما تستطيع المحكمة أن تحكم من تلقاء ذاتها ببطلان هذا الشرط.



























المطلب الثاني

الغبن في عقد الإذعان

الأصل في التعاقد أن يتم عن طريق التفاوض والمناقشة والمساومة ، بحيث يتفاوض أطرف العقد على بنوده على نحو يحقق لهما مصالحهما ، بيد أن هناك من العقود ما يشذ عن هذه القاعدة،فلا يكون هناك مفاوضات أو مساوم على بنود العقد ، وإنما يضع الطرف القوي في العقد شروطه وما على الطرف الثاني إلا أن يرضخ لهذه الشروط جملة وتفصيلاً أو يرفضها كلها مما قد يترتب على هذا العقد غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفةى ، وعلى هذا سوف نبحث كيف يحمي القانون الطرف المذعن المغبون ، وما مدى هذه الحماية.
اعتبرت القوانين المدنية السورية والمصرية واللبنانية عقد الاذعان من العقود الصحيحة ، واعتبرت أن تسليم الطرف المذعن لمشيئة الطرف الآخر أنه قبول للعقد،إلا أن تلك القوانين لم تغفل عن أن عقد الإذعان يتميز بطبيعة خاصة فالعقد قائم التفاوت الكبير بين مركز كل من طرفيه ، الأول يفرض شروطه والثاني عليه أن يقبلها دون أدنى مناقشة وربما أدى ذلك إلى وقوع الطرف المذعن تحت رحمة الطرف القوي ، فيشتغله بأن يفرض عليه شروطاً تعسفية مما جعل رجال الفقه القانوني يسعون جاهدين في سبيل حماية الطرف المذعن من تلك الشروط التعسفية.
نص القانون اللبناني في المادة /172/موجبات وعقود القانون المدني المصري في المادة/150/ على أنه {إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك}.
فالمظهر السياسي للحماية التي يضعها القانون للطرف المذعن المغبون تتمثل في رفع هذا الغبن عن طريق رفع هذا الغبن عن طريق رفع الأمر للقضاء طالباً منه تعديل الشروط التعسفية وفقاص لما تقضي به العدالة عن طريق رفع الغبن عن الطرف المذعن وإعادة الموجبات إلى حالتها الطبيعية.
ويلاحظ أن بعض الفقهاء يحرص على إبعاد أحكام الغبن عن العقود التجارية ، وجعلها محصورة في عقود القانون المدني فقط.
يقول الدكتور مصطفى كمال طه:{أما البطلان في المغالاة التدليسية في التأمين ، فلا يشترط فيه ارتكاب المستأمن بطرق احتيالية بل يكفي المؤمن إثبات أن المستأمن قد غالى في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية}.
فالفقيه هنا يجعل المغالاة في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية تديساً، ولا يخفى على أحد بأن التدليس لابد أن يقترن بطرق احتيالية،أما إذا انتقت هذه الطرق فلم يعد هذا تدليساً بل غبناً.
والدليل على ما أقول هو أن شروط الغبن متوفرة في المثال السابق فهناك اختلال بين الموجبات فالمؤمن يريد الحصول على التعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية وهذا التعويض فاحش جداً بالنسبة للقيمة الحقيقية للأشياء المؤمن عليها وبالتالي فإن هناك اختلالاً بين الموجبات وعليه فإن هناك غبناً ، وغني على البيان أن تعديل الشروط التي يتضمنها عقد الإذعان لا يقرره القاضي من تلقاء نفسه ، وإنما بناء على طلب الطرف المذعن.
بعد أن يطلب الطرف المذعن رفع الغبن عنه ، فالقاضي هو الذي يملك حق تقدير ما إذا كان هناك غبناً أم لم يكن،فإذا اكتشف أن هناك غبناً فله أن يزيله كلياً أو يزيل جزءاً منه ، فالمتشرع لم يرسم للقاضي حدوداً في ذلك إلا ما تقتضيه العدالة ، ولا يجوز للمتعاقدين أن ينزعا من القاضي سلطته هذه باتفاق خاص لأن هذا الإتفاق إذا ما وجد فهو باطل لمخالفته النظام العام.




المطلب الثالث
الغبن في القسمة الإتفاقية

تنص المادة /835/من القانون المدني المصري والمادة /789/ من القانون المدني السوري على أن :{الشركاء إذا انعقد إجماعهم أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها، فإذا كان بينهم من هو ناقص الأهلية ، وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.

وتنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة /779/من القانون المدني السوري على أنه :
1-يجوز نقض القسمة الحاصلة يالتراضي إذا أثبت احد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس،على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.
2- ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة ، وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل المدعي نقداً ، أو عيناً ما نقص من حصته.
ومن هاتين المادتين نستطيع أن نستنتج أحكاماً تكون خطة بحث لهذا المطلب لذا سوف نقسم المطلب إلى النقاط التالية :

أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية .
ثانياً: كيفية إجراء القسمة الإتفاقية .
ثالثاً:حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء .
رابعاً: نقض القسمة الإتفاقية .

أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية:
تنص المادة /835/ مدني مصري والمادة /789/ مدني سوري على أن:{للشركاء إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها}.
ومن ذلك يتبين لنا أن القسمة الرضائية عقد أطرافه الشركاء المشتاعون ،ومحله المال الشائع وعلى هذا العقد تسري أحكام سائر العقود من رضى جميع الشركاء على هذه القسمة،فإذا لم يتوفر رضى الجميع وأبرم بعض الشركاء عقد القسمة،ولم يبرمه البعض الآخر،فلا يترتب على ذلك إنهاء حالة الشيوع،وإنما يسري هذا الاتفاق على من رضي به فقط،حتى إذا رضي باقي الشركاء أصبحت هذه القسمة نافذة بحق الجميع.
ويتعين ألا يكون من بين هؤلاء الشركاء من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية وجب اتباع الإجراءات التي يقضي بها القانون في هذا الصدد.
ويخضع إثبات عقد القسمة للقواعد العامة في الإثبات فلما زادت قيمة المال المقسوم على المبلغ المحدد في القانون فلا يجوز إثباته إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة وكما يكون الإتفاق على القسمة صريحاً يمكن أن يكون ضمنياً،وفي هذه الحالة يكون للقضاء أن يستخلص من تصرفات الشركاء أنهم قد ارتضوا جميعاً قسمة المال الشائع طالما كان تصرف كل منهم في حدود حصته فقط وصدر التصرف من جميع الشركاء.

ثانياً:كيفية إجراء القسمة الرضائية:
من نص المادة /835/مدني مصري،والمادة /789/مدني سوري،والمادة /941/ موجبات لبناني ، يتبين أن المتشرع ترك للشركاء الحرية التامة في اختيار طريقة اقتسام المال الشائع فيما بينهم،كأن يتصرف أحد الشركاء بجزء مفرز من عقار شائع لم يجري تحديده وتحريره،يوازي حصته،ثم يتبعه الشركاء الآخرون،فيتصرف كل منهم بحصة مفرزة أيضاً تعادل نصيبه،فيعد تصرفهم على هذا الوجه دالاً على رضىائهم الضمني بالقسمة الفعلية التي تمت بفعل جميع الشركاء على السواء،هذا إذا لم يكن فيما بين الشركاء قاصر أو غائب،فإذا كان إحد الشركاء غائباً أو لا تتوافر فيه الأهلية،فيجب على الوصي{على القاصر} أو القيم {على المجنون أو السفيه أو المعتوه أو المغفل}أو الوكيل القضائي{عن الغائب}بإذن من المكمة إلى إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي.
ثالثاً: حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء:
رأينا في المادة /835/مدني مصري والمادة /789/مدني سوري تنص على أنه {إذا كان بين الشركاء من هو ناقص الأهلية وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.

وأن المادة /941/موجبات وعقود لبناني تنص على أنه:{إذا كان بينهم غير ذي أهلية ،أوغائب غيبة متقطعة ،فلا تكفي موافقة ممثله الشرعي بل يجب أن يحكم القاضي المختص بالتصديق على القسمة لتصبح نافذة }.

إذن يجب الحصول على الإذن من القاضي الشرعي حتى تصبح القسمة نافذة بحق جميع الشركاء ،وبذلك تنص المادة /181/ من الأحوال الشخصية السوري:{إذا كان للقاصر حصة شائعة في عقار فللوصي بإذن المحكمة إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ،ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي}.

وتنص المادة /206/من قانون الأحوال الشخصية السوري:{يسري على القيم والوكيل القضائي ما يسري على الوصي من الأحكام إلا ما يستثنى بنص صريح}وبذلك لا ير هذا الحكم على وصي القاصر وحده بل يشمل أيضاً القيم والوكيل القضائي.

ومن ذلك يتبين أنه إذا كان من بين الشركاء من هو ناقص الأهلية أو عديمها،أو كان فيهم غائب،فعلى وصي القاصر والقيم والوكيل القضائي الحصول على إذن القاضي الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على أذن القاضي الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على تصديق القاضي الشرعي على هذه القسمة بعد إجرائها حتى تكون نافذة في مواجهة الكافة.
رابعاً:نقض القسمة الإتفاقية بسبب الغبن:
تنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة/799/ من القانون المدني السوري على أنه:
1- يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منه غبن يزيد عن الخمس على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.
2- يجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة،وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقداً أوعيناً ما نقص حصته.
أما القانون اللبناني فقد تكلم في المادة /947/موجبات وعقود عن الغبن بصفة مطلقة بالنسبة لكل أنواع الغبن.
ومن تلك النصوص يتبين أن المتشرع قد أجاز للشريك المغبون أن يطلب نقض القسمة الإتفاقية ،إذا وقع فيها غبن بالمقدار الذي حدده القانون.
ما هو مقدار الغبن الذي يؤثر في القسمة الرضائية؟؟؟.
لم يتفق القانونان المصري والسوري مع التقنين اللبناني على مقدار واحد للغبن المؤثر في القسمة فقانون موجبات وعقود اللبناني لم يحدده الغبن بنسبة معينة بل وصفه أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة.
بينما ذهب كل من القانون المصري والقانون السوري إلى تحديده بما يزيد على الخمس ،أسوة ببيع عقار القاصر ،ولأن الخمس هو المقدار المألوف في الشريعة الإسلامية.
وأعتقد أن القانونين المصري والسوري كانا أحكم من القانون اللبناني لأنهما حددا مقدار الغبن حسماً للخلاف وسرعةً في الحكم.
والعبرة في تقدير الغبن ،النظر في قيمة المال الشائع وقت القسمة لأنه الوقت الذي يراعى في التقدير لتحقيق المساواة بين المتقاسمين.

دعوى إبطال القسمة الإتفاقية للغبن:
إذا تحقق الغبن على النحو الذي ذكرنا بأن كان فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة،كما هو في القانون اللبناني أو كان يزيد على الخمس كما في القانونين المصري والسوري جاز للمتقاسم المغبون،طلب إبطال القسمة والعودة إلى حالة الشيوع،أما الشريك الذي لم يلحقه غبن فلا يستطيع رفع دعوى إبطال الغبن القسمة للغبن.
والمدعي عليه دعوى الغبن هم سائر الشركاء ،لأن دعو الغبن ترمي إلى إبطال القسمة الرضائية كلها،ويقع عبء الإثبات في هذه الدعوى على عاتق المدعي المغبون وله أن يثبت الغبن بجميع طرق الإثبات بما فيها القرائن،لأنها واقعة مادية،وعند ثبوت وقوع الغبن فإنه يجوز للقاضي أن يبطل القسمة.
هذا ويجب أخيراً أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة وإذا ما رفعت الدعوى كان للمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع إجراء القسمة من جديد إذا أكمل المغبون نقداً ،أو عيناً ما نقص من حصته هذا في القانون المصري والسوري،أما القانون موجبات وعقود اللبناني فإنه وضع حكماً خاصاً في شأن ميعاد رفع دعوى الإبطال إذ قرر إنه يجب أن تقام دعوى الإبطال في السنة التي تلي القسمة ولاتقبل الدعوى بعد انقضائها والمدة هنا مدة السقوط.
ما هي الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن؟؟؟.
الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن هي إعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل القسمة وإعتبار المال المملوك للشركاء شائعاً منذ أن بدأ الشيوع أول مرة وكأن الشيوع لم ينقطع أبداً، عندها يجوز لأي شريك سواء أكان المغبون أو الغابن أن يطلب القسمة سواء أكانت اتفاقية أو قضائية.

*هل يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة الإتفاقية؟؟؟.
نعم يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة بسبب الغبن إذا أكمل للمغبون نقداً أو عيناً ما نقص من حصته ،هذا الأكمال ليس فقط بما يرفع الفحش وجعله يسيراً بل يجب أن يرتفع الغبن كاملاً بحيث يتعادل برفعه نصيب الشريك المغبون مع حصته الشائعة.
ويستطيع المدعى عليه أن يوقف سير الدعوى في أي مرحلة كانت عليها الدعوة طالما لم يصدر حكم نهائي بإبطال القسمة،لأنه بصدور حكم نهائي تعود حالة الشيوع إلى ما كانت عليه قبل القسمة،ولم يعد مقبولاً أن يكون من حق المدعى عليه الغابن أن يطلب تكملة نصيب الشريك المغبون.













المطلب الرابع
الغبن في عقد الوكالة

تعريف الوكالة: تنص المادة /699/من القانون المدني المصري والمادة /655/من القانون المدني السوري بأن الوكالة :{عقد بمقتضاه يلزم الوكيل يأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل.
والمادة /769/موجبات وعقود لبناني تتفق في مجموعها مع التقنين المصري والسوري إلا أنها لا تحدد محل الوكالة بأنه تصرف قانوني.
ومما تقدم يتبين لنا بأن عقد الوكالة هو عقد من عقود التراضي يتم بالإيجاب والقبول،وأن محل هذه الوكالة هو عمل قانوني دائماً وأن الوكيل يجب عليه أن يعمل لحساب موكله لا لحسابه الشخصي ومن هذه النقطة نستطيع أن ننتقل إلى نقطة هامة في هذا المطلب وهي الأجر في عقد الوكالة.

الأجر عقد الوكالات :
تنص المادة /709/ من القانون المدني المصري والمادة /675/ من القانون المدني السوري على ما يلي:

1- الوكالة تبرعية ، مالم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيـل.
2- فإذا اتفق على أجر الوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة.
أما القانون اللبناني فقد كان موافق للنصين المصري و السوري بيد أنه لم يذكر أن أجر الوكيل يكون خاضعاً لتقدير القاضي.

ومن هذه النصوص نستطيع أن نميز فرضين على أجر الوكالة :
الأول: حالة عدم اتفاق الموكل والوكيل على الأجر.
الثاني: حالة عدم وجود اتفاق ما بين الموكل والوكيل على الأجر.

الفرض الأول: حالة عدم وجود اتفاق على الأجر:
من نصوص المواد 709/1مدني مصري ، و 675/1 مدني سوري ، و 770 موجبات وعقود لبناني يتبين لنا أنه إذا لم يتم اتفاق بين الموكل والوكيل على الأجركانت الوكالة غير مأجورة ، وكان الوكيل متبرعاً واعتبرت الوكالة في هذه الحالة من عقود التبرع وذلك بنص المواد سالفة الذكر.
بهذا قضت محكمة النقض السورية بقولها:{الوكالة تبرعية مالم يتم الاتفاق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل ، فإذا اتفق على الأجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة}.

الفرض الثاني: حالة وجود اتفاق على الأجر:
من النصوص سالفة الذكر يتبين لنا أن الوكيل لا يأخذ أجراً إلا إذا وجد اتفاق على ذلك ، و ربما كان هذا الاتفاق صريحاً أو ضمنياً و سواء كان الإتفاق صريحاً أو ضمنياً فعبء إثباته يقع على عاتق الوكيل وقاضي الموضوع هو الذي يقرر ما إذا كانت الوكالة مأجورة،ومن أبرز الحالات التي يستخلص منها ضمناً أن الوكالة مأجورة هي مهنة الوكيل ، فإذا كان الوكيل يحترفها مهنة يكسب منها عيشه ، فالمفروض أن الوكالة التي تدخل في أعماق هذه المهنة تكون مأجورة ، فمن وكل محامياً يكون قد اتفق ضمناً مع الوكيل على إعطائه أجراً كما يجري به العرف ، ويغلب أن يكون أجر الوكيل مبلغاً من النقود ولكن لاشيء يمنع من أن يكون من غير النقود إذا اتفقا على أجر صراحةً أو ضمناً ، فيغلب أن الأجر مستحقاً للوكيل ولو لم ينجح في مهمته الموكل لها ، فهو يؤجر على ما بذل من جهد دون النظر إلى النتيجة إذ التزامه هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية بيد أنه لا شيء يمنع من الإتفاق على أن يكون التزام الوكيل التزاماً بتحقيق غاية ، فالوكيل يستحق أجره وره ما تكبده من المصاريف في سبيل المهمة التي كلف بها بغض النظر عن النتائج طالما أن الوكيل لم يرتكب خطأ أدى إلى النتيجة السيئة.

الخلاف على الأجر:

في حال الخلاف على الأجر بين الموكل والوكيل بأن ادعى أحدهم بأن هناك غبناً في الأجر ، فرفع الأمر إلى القضاء المختص ، إذ أن :{أجور الوكيل خاضعة لتقدير القاضي ، و لو كانت متفقاً عليها و التقدير يكون بعد إنهاء العمل}.

و {لقاضي الموضوع الحق في تعديل أجر الوكالة المتفق عليها سواء بتخفيضه أو بزيادة عليه أو بالحد الذي يجعله مناسباً ، و على المحكمة إذا ما رأت تعديل الأجر بالزيادة أو بالنقصان أن تعرض في حكمها للظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد و أدت إلى الخطأ في الإتفاق على مقابل غير مناسب}.

وعلى هذا يترتب :

1- أنه يجوز للقاضي إعادة الأجر إلى الحد المعقول لتصحيح ما وقع فيه المتعاقدين في تعيين مقدار الأجر سواء أكان بزيادة هذا المقدار إذا كان غير كاف ، أوبتخفيض هذا الأجر إذا كان مبالغاً فيه ، وطبعاً ذلك يتوقف على ما تبين بعد تنفيذ الوكالة من أهمية العمل الذي قام به الوكيل وما لقي فيه من صعوبات وما أدى إليه العمل من نتائج ، فإذا ظهر أن مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل رفع القاضي هذا الغبن عن كاهل الموكل ، وإذا كان مقدار الأجر ينقص عن قيمة العمل رفع القاضي هذا الغبن عن كاهل الوكيل.
2- يمنع على القاضي أن يعدل مقدار الأجر سواء أكان بزيادة أو بالنقصان إذا رفع الموكل المتفق عليه طوعاً بعد تنفيذ الوكالة حتى ولو كان مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل أو ينقص.

ومما تقدم يتضح أنه إذا كان أجر الوكيل لا يتناسب مع العمل الذي قام به بعد إنهاء العمل ، فإن قاضي الموضوع يستطيع بماله من سلطة تقديرية أن يرفع هذا الغبن عن المغبون ويعيد التوازن بين الموجبات مع ملاحظة أن الغبن هنا غير محدد برقم معين بل هو أمر متروك لاجتهاد القاضي وظروف كل قضية.

ومما تقدم من المباحث في الفصلين السابقين يتبين لنا حقيقة واضحة بأن الغبن قد غبن غبناً فاحشاً في التقنيات الوضعية سواء في القانون اللبناني أو في القانون المصري والسوري ، بينما نرى الغبن في فقه الشريعة الإسلامية باسط جناحيه في سماء الفقه الإسلامي ليكون نظرية متكاملة عادلة .

لذلك سوف نبحث في هذا المبحث ما يلي :
1-شروط الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية .
2-آثار الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية .
3-بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية.



المطلب الأول
شروط الغبن في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية

احتفظت القوانين الوضعية الحديثة بمفعول الغبن وفق النظرية المادية بيد أنهم قصروها على بعض العقود والحالات فقط .
فالغبن وفقاً لهذه النظرية يعتبر عيباً في العقد ، وليس عيباً في الرضا ، فنحن لا ننظر إلى الحالة النفسية للعاقد المغبون ولا ننظر إلى ظروف العقد والعاقد بل ننظر إلى التوازن ما بين الإلتزامات ، فإذا كان هناك اختلال وفق درجة معينة كان يكون خارجاً عن العادة المألوفة كان هناك غبن .

فالغبن وفق النظرية المادية يتكون من عنصرين هما :

1 -قيمة الشيء : فالعبرة في الغبن بقمة الشيء بحد ذاته وفقاً لقانون العرض والطلب .
2-درجة الإختلال في التعادل : والغبن وفقاً لهذه النظرية رقم مرصود فالقوانين الوضعية حددته بنسبة مئوية في العقار كما فعل القانون المصري في المادة / 425/من القانون المدني .
أما عن شروط الغبن وفق النظرية الشخصية في القوانين الوضعية الحديثة فهو عيب في الإرادة ، وله ثلاث شروط هي :

1-الإختلال في الموجبات
2-أن يكون هناك استغلال لضعف معين في المتعاقد المغبون
3-أن يكون هذا الإستغلال هو الذي دفع المتعاقد إلى التعاقد ولولاه لما أبرم هذا العقد .
هذا في القانون الوضعي.
فنصوص الغبن وفق النظرية المادية محدودة المفعول والغبن وفق النظرية الشخصية أكثر اتساعاً وشمولاً بيد أنها قليلة المفعول والتطبيق لكثرة و تعقد شروطها وصعوبة إثباتها .
أما الغبن في فقه الشريعة الإسلامية، فحلوله فعالة لبساطة شروطه وسهولة إثباته ، فالحنابلة والحنفية والشافعية لم يشترطوا لتحقق الغبن الفعال إلا شرطين هما :
1-الغبن الفاحش ، وهذا الشرط سهل الإثبات جداً .
2-التغرير ، وهذا الشرط أيضاً لا يصعب إثباته في الشريعة الإسلامية
أما الظاهرية والمالكية ، والإباضية والجعفرية والزيدية فلم يشترطوا إلا شرطين هما:
1-الجهل بالقيمة : وهو سهل الإثبات .
2-الغبن الفاحش :وهو أيضاً سهل الإثبات جداً .
وهكذا لاحظنا أن فقهاء الشريعة الإسلامية افترقوا إلى رأيين ، رأي لا يعتد بالغبن الفاحش من دون أن يكون مقترناً بالتغرير ، ورأي لم يشترط اقتران الغبن بالتغرير ليكون العقد قابلاً للفسخ ، ولعل الرأي الأرفق والأوفق هو الرأي الذي يعتد بالغبن من دون أن يشترط اقترانه بالتغرير .
أما عن الإستغلال الموجود في النصوص التقنين الوضعي :
فالإستغلال في فقه الشريعة الإسلامية لا يعتبر مصدراً عاماً للإلتزام ، وإنما هناك تطبيقات كثيرة تشبه الإستغلال الموجود في الفقه الغربي ، بيد أن هذا لا يعني على الإطلاق تقرير نظرية عامة للإستغلا في الفقه الإسلامي ، ولا ضير في عدم معرفة الفقه الإسلامي للإستغلال كمصدر عام للإلتزام ، لأن لكل فقه منهجه الخاص به ، وأسلوبه في معالجة قضاياه ، والفقه الإسلامي قد عالج آثار الإستغلال ووسائله من خلال نظريات أخرى ولعل من أهمها نظرية الغبن التي كان لها تأثير فعال في مقاومة الغبن وأشكاله في السوق الإسلامية .


المطلب الثاني
آثار الغبن في القانون الوضعي على ضوء الفقه الإسلامي

إن آثار الغبن في القانون الوضعي له طبيعة معينة بحيث يعطي للمغبون الحق في إبطال العقد أو إنقاص إلتزاماته إلى الحد المعقول وفق تصور المتشرع الوضعي كما أن للغابن أن يتوقى الحكم بإبطال العقد إذا عرض زيادة التزاماته يرفع هذا الغبن .

قد أجاز القانون للمغبون أن يطلب فسخ العقد عند تحقق الشروط الثلاثة للإستغلال وللقاضي سلطة واسعة في تقدير هذا الطلب .

أما في فقه الشريعة الإسلامية فإننا نرى أن الفقه قد ملك المغبون سلطة فسخ العقد إذا أراد ذلك ودون أن يكون للقاضي سلطة عليه كأن يرغمه على إمضائه إذا أعاد الغابن إلى العقد توازنه ، فالشريعة الإسلامية احترمت الحرية إذا كانت غير مبنية على التعسف في استعمال الحق لذلك تركت للمغبون الحق في فسخ العقد أو إمضائه بحسب ما يرى وليس للقاضي سلطة عليه إلا إذا تعسف في استعمال حقه .

وقد أجاز القانون للمغبون أن يطلب إنقاص إلتزاماته إلى الحد المعقول وفق وجهة نظر المتشرع الوضعي ، فقد يرى المغبون دعوى الإبطال بيد أن القاضي قد يرى أن إنقاص الإلتزامات إلى الحد المعقول أقرب للعدالة ولمصلحة طرفي العقد .

أما الفقه الإسلامي فقد راعى الفطرة وحقق العدالة بين البشر فلم يجعل من سلطة القاضي سيفاً مسلطاً على رقاب المتداعين ، فالمغبون عندما يطلب فسخ العقد لا يستطيع القاضي أن يحكم إلا بما طلب المغبون عند تحقق شروط الغبن .
وإذا طلب إنقاص الإلتزامات ، فلا يستطيع أن يفسخ العقد إلا إذا كان العقد مخالفاً للقواعد الآمرة بالشريعة الإسلامية.

أما عن مدة الدعوى فإننا نلاحظ اتفاق القانون الوضعي مع فقه الشريعة الأإسلامية في جعل مدة سقوط الدعوى سنة ، وعندما تنتهي هذه السنة تصبح دعوى الغبن غير مقبولة لسرعة استقرار المعاملات .
المطلب الثالث
بعض تطبيقات الغبن في القانون الوضعي على ضوء الشريعة الإسلامية

في هذا المطلب سوف ألقي الضوء على شركة الأسد وعلى عقد الإذعان وعلى القسمة الإتفاقية وعقد الوكالة من خلال الشريعة الإسلامية .
لذلك سوف أفرع هذا المطلب إلى مايلي :

الفرع الأول : شركة الأسد في ضوء فقه الشريعة الإسلامية
الفرع الثاني : عقد الإذعان في ضوء فقه الشريعة الإسلامية
الفرع الثالث : القسمة الإتفاقية في ضوء فقه الشريعة الإسلامية
الفرع الرابع : عقد الوكالة في ضوء فقه الشريعة الإسلامية





الفرع الأول
شركة الأسد في ضوء فقه الشريعة الإسلامية

ذهبت القوانين الوضعية العربية { اللبنانية ، السورية ، المصرية } إلى بطلان الشركة المتضمنة شروط الأسد .
فهل هذا الحكم المتربع في القانون الوضعي صحيحاً في ضوء الشريعة الإسلامية ؟
المشكلة تتحدد أو تتعين في أن بطلان الشركة تلقائي وليس إرادي فيستطيع كل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على هذه الشركة الإجازة ، ولا يسري في حقها التقادم .
فالشريعة الإسلامية حرم النجش { وفق ما رجحت } بيد أنها لم تجعل هذه الحرية المطلقة بحيث يسري هذا البطلان على العقد بل يستطيع كل ذي مصلحة طلب البطلان أو أن القاضي عليه أن يحكم بالبطلان ، فهذا الحكم في القانون غريب جداً .
فالشريعة الإسلامية جعلت الحرمة مطلقة في العيون النجسة كأن يعقد عقداً على توريد الخمور ، أو الخنازير ، أو اللحوم الميتة للمسلمين فهذا العقد باطل بطلاناً مطلقاً .
فهل الشركة التي تحتوي على شركة الأسد من تلك الأصناف التي حرمها الشارع الحكيم ؟ .

الشركة التي تحتويها شرط الأسد بها ظلم عظيم على الشركاء ، بيد أنهم هم من ارتضوا ذلك ، فإن كان رضاهم ، نتيجة إكراه فلم لا نطبق عليهم حكمه ، وإن كان نتيجة الغرر ، فلم لا نطبق عليهم حكم الغرر ، وإن كان نتيجة غبن فيتعين علينا أن نطبق عليهم أحكام الغبن .
أما أن نحكم ببطلان الشركة بل أن نجعل لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان فهذا شيء عجيب فالبطلان يجب ألا يسري إلا على شرط الأسد فقط وتظل الشركة صحيحة ومعاملاتها صحيحة وشرط الأسد هو الباطل والشرط ، وليس ببطلان الشركة ، كما يجب على القاضي أن يحكم ببطلان شرط الأسد وليس ببطلان شركة الأسد حفاظاً على مصالح الشركاء والمتعاملين معهم والله أعلم .



الفرع الثاني
الغبن في عقد الإذعان في ضوء الشريعة الإسلامية

اعتبرت القوانين الوضعية اللبنانية والمصرية والسورية عقد الإذعان من العقود الصحيحة واعتبرت أن تسليم الطرف المذعن لمشيئة الطرف الآخر قبولاً للعقد .

والمظهر الأساسي للحماية التي يضعها القانون للطرف المذعت المغبون تتمثل في رفع هذا الغبن عن طريق رفع الأمر إلى القضاء طالباً منه تعديل الشروط الجائزة وفقاً لما تقضي به العدالة عن طريق رفع الغبن عن الطرف المذعن وإعادة الموجبات إلى حالتها الطبيعية .

والقاضي هو الذي يملك حق تقدير ما إذا كان هناك غبن أم لا فإذا اكتشف أن هناك غبناً فله أن يزيله كلياً أو يزيل جزءاً منه ، والذي يلام عليه القانون الوضعي هو تمليك السلطة إلى القاضي وحجبها عن المغبون ، فالمغبون في الشريعة الإسلامية هو الذي يملك حق فسخ العقد المغبونبه أو الرضا به ولا يملك أحد سلطة عليه إلا إذا تعسف في استعمال حقه ، عندها يتدخل القاضي لرفع هذا التعسف ، أما القانون الوضعي فإن المتشرع قد ملك القاضي سلطة فوق طاقته وحجب عن المغبون حقاً من أعظم حقوقه والله أعلم .














الفرع الثالث
الغبن في القسمة الإتفاقية في ضوء الشريعة الإسلامية

لم يخرج القانون الوضعي في القسمة الإتفاقية عن أحكام الفقه الإسلامي كقاعدة عامة بل نراه قد سار وراء أحكام الفقه الإسلامي في كثير من أحكامه .
بيد أن الشريعة الإسلامية كانت أكثر دقة وواقعية وتفصيلاً لأحكام القسمة ، فالقسمة في فقه الشريعة الإسلامية تنقسم أيضاً إلى رضائية أو إجبارية والذي يهمنا هنا في هذا البحث القسمة الرضائية : وهي أخذ كل واحد من المشترين قدر حصته بتراض وسميت كذلك ، لأنها إنما تكون برضا الشركاء جميعاً .
واختلف الفقهاء في جواز قسمة المشتملة على الغبن بالشركاء جميعاً وعد جوازها على اجتهادين :

الاجتهاد الأول : أنه يجوز للشركاء أن يقسموا بالتراضي ما فيه ضرر بهم سواء بطل نفع المقسوم بالكلية ، أو تغيرت صفته ، وذهب إلى هذا الإجتهاد كل من الحنفية والحنابلة .
الاجتهاد الثاني : أنه لا يجوز للشركاء أن يقسموا بالتراضي ما يبطل نفعه بالكلية كالجوهرة الثمينة ، ويجوز لهم أن يقسموا ما لا يبطل نفعه بالكلية بأن ينتقص نفعه أو يبطل نفعه المقصود وأخذ بهذا الإجتهاد المالكية ، والشافعية ، ولعل الراجح ما ذهب إليه الإجتهاد الثاني ، وهو أن ما في قسمته فساد لا يصح قسمه بالتراضي لما فيه من إضاعة المال وإتلافه وذلك يشكل ضرراً بالشركاء جميعاً ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : { لا ضرر ولا ضرار }

أما بالنسبة لكيفية إجراء القسمة ، فإننا نلاحظ أن القانون الوضعي لم يتطرق على الإطلاق لشخص المقسم وشروطه .

أما الفقه الإسلامي ففد وضع للقاسم شروطاً إذا كان القاسم منصوباً من قبل القاض ، أو مختاراً من قبل الشركاء أنفسهم والذي يهمنا هنا القاسم المختار من قبل الشركاء أنفسهم .

ولعل أهم الشروط التي يجب أن تتوفر في القاسم هي :
1-العقل :فيجب أن يكون عاقلاً فلا يجوز قسمة المجنون لعدم عقله لذلك لا تجوز قسمة الصبي الذي لا يعقل ، لأن العقل من شرائط أهلية التصرفات.
2-أن يكون عالماً بالمساحة والحساب : لأنهما آلة القسمة والجاهل بأمور القسمة يخاف منه الجور فلا يحصل بقسمته كل شريك إلى حقه مما يفوت المقصود من القسمة .
3-أن يكون عدلاً : أي غير فاسق ومن لوازم العدالة أن يكون أميناً غير خائن ، لأن القسمة من جنس القضاء .

أما بالنسبة لأثر القسمة : فالقانون الوضعي يرجع أثر القسمة إلى وقت بدء الشيوع على أن الشريعة الإسلامية تقرر العكس وتعتبر القسمة منشئة للحقوق لا مقررة له ، لأن المادة / 1162 / من المجلة العدلية صريحة بالقول أن كل واحد من أصحاب الحصص يملك حصته مستقلاً بعد القسمة لا علاقة لواحد في حصة الآخر .

أما الفقه الإسلامي ، فإن القسمة تختلف أجزاء المقسوم تساوياً وإختلافاً بإختلاف حصص للشركاء الحرية التامة في إختيار إقتسام المال الشائع فيما بينهم .
أما الفقه الإسلامي ، فإن القسمة تختلف أجزاء المقسوم تساوياً وإختلافاً ، وأخيراً فإن المأخذ الكبير الذي يؤخذ على القانونين المصري والسوري هو عدم نقض القسمة القضائية ، ولو كانت مشوبة بالغبن الفاحش ، أما القانون اللبناني فقد أحسن إذ سمح بنقض القسمة القضائية عندما تتوفر شروطه مما يجعل القانون اللبناني يقترب كثيراً من أحكام الفقه الإسلامي .

آملين من الخالق العظيم أن يتطابق القانون اللبناني وغيره من القوانين الوضعية في المستقبل مع الشريعة الإسلامية .











الفرع الرابع
الغبن في عقد الوكالة في ضوء الشريعة الإسلامية

عرف القانون الوضعي الوكالة أنها : { عقد بمتضتاه يلتزم الوكيل بان يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل } .

وعرف السادة الحنفية الوكالة أنها : { إقامة الشخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم } .
ولا أرى فارقاً بين التعريفين فالناس بحاجة قديماً وحديثاً إلى الوكالة في كثير من أمورهم اليومية وقد أقرت الشريعة الإسلامية الوكالة بقوله تعالى { قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً} (الكهف:19) .

وفي السنة النبوية الشريفة : وكل النبي صلى اللع عليه وسلم حكيم بن حزام { أو عروة البارقي } بشراء شاة أضحية .

أما الأجر في عقد الوكالة :

فقد نص القانون على أن الوكالىة تبرعية / مالم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل فإذا اتفق على أجر الوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي .

أما في الفقه الإسلامي فإن الوكالة تصح بأجر وبغير أجر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عماله لقبض الصدقات ويجعل لهم عمولة فإذا تمت الوكالة بأجر ، لزم العقد ويكون للوكيل حكم الأجير ، أي أنه يلزم الوكيل بتنفيذ العمل ، وليس له التخلي عنه بدون عذر يبيح له ذلك وإذا لم يذكر الأجر صراحة حكم العرف في تحديدها .

ولا أرى أن القانون الوضعي قد خرج عن أحكام الفقه الإسلامي كقاعدة عامة في أحكام الوكالة ، فقرر بأن الوكالة كقاعدة عامة تبرعية مالم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمنا من طبيعة الوكالة والله أعلم .
الخاتمة والنتائج
في نهاية المطاف أجد من الملائم أن أذكر خلاصة تتضمن أبرز النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث :
1-ضرورة دراسة الفقه الإسلامي دراسة معمقة واسعة لتشمل كل المذاهب والفرق الإسلامية المعتبرة لخلق الجو الملائم لبناء الفقه الإسلامي الموحد المعتمد على المصادر الصحيحة .
2-أن في الشريعة الإسلامية كنوزاً خالدة لا تحتاج إلا إلى صيغة جديدة بروح العصر ومفاهيمه .
3-أن الفقه الإسلامي مستقل بمصطلحاته ووسائله الفنية الخاصة التي تميزه عن غيره ، ومنفرد بمنهج متكامل في تنظيم موضوعاته ، ومعتمد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في استنباط أحكامه ، مما يتبين لنا أصالة هذا الفقه وبعده عن التأثر بأي تشريع آخر ، لذلك فإن محاولة ترويض الفقه الإسلامي لجعله صورة طبق الأصل عن القانون الوضعي ونظرياته سوف يكون مصيرها الفشل إن شاء اله تعالى .
4-أن الفقه الإسلامي أكثر دقة وحكمة وصواباً من القانون الوضعي ، وهذا واضح من خلال عرضنا لموضوعات الرسالة .
5-يجب أن لا نعتقد أن هناك اختلافاً كبيراً ما بين القانون الوضعي المدني والفقه الإسلامي بل هناك جوانب وأحكام يتفق عليهما الفقه الإسلامي والقانون الوضعي ، أيضاً يجب أن لا نعتقد أن هناك تطابق تام بين الفقه الوضعي والفقه الإسلامي ، فالأول مستمد من الفكر الإنساني المشوب بالهوى ، لذلك نراه يحلل كثيراً من الموبقات كالربا مثلاً ، أما الفقه الإسلامي فهو مستمد من التشريع الإلهي المتمثل بالكتاب والسنة وغيرها من مصادر التشريع الإسلامي .
6-أن التباين الحقيقي ما بين القانون الوضعي والفقه الإسلامي يكمن في النطاق الذي تمتد إليه وظيفة كل منهما ، فالقانون لا يعتنى إلا بالعلاقة الإنسانية ، أما الشريعة الإسلامية فهي أوسع نطاقاً وتمتد لتشمل علاقة الإنسان بربه وبنفسه وبغيره .
7-أن الإستغلال في فقه الشريعة الإسلامية لا يشكل مصدر عام للإلتزام ، وإنما هناك تطبيقات لا تعني تقرير نظرية عامة ، ولا ضير في عدم معرفة الفقه الإسلامي للإستغلال ، لأن لكل لكل فقه منهجيه وأسلوبه الذي يعالج به قضاياه ، والفقه الإسلامي قد عالج قضايا الإستغلال من خلال نظريات أخرى ، ولعل من أهمها نظرية الغبن .
8-الحكم الذي ذهب إليه القانون الوضعي بأن أبطل الشركة التي بها شرط الأسد غير منطقي ، ولا يتوافق مع العدالة ولا مع روح الشريعة الإسلامية ، وكان من واجب المتشرع الوضعي أن يقرر بطلان شرط الأسد فقط ، وليس بطلان الشركة .
وأخيراً لا بد من الإعتراف بأنني إن كنت قد أصبت فذلك بفضل رضوان الله سبحانه وتعالى ، وإن كنت قد أخطأت فذلك لضعفي والضعف من طبيعة بني البشر ، ولا كمال إلا للخالق العظيم .

ا يمكنني ولن يمكنني أن أدعي بأنني قد أصبت بكل ما كتبته ، بل هذه محاولة بسيطة لفهم ودراسة وتبسيط الفقه الإسلامي ، والبرهان على ضرورة العودة إليه لأخراجه بثوب العصر الحديث .

أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وأن ينتفع به المسلمين.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ *َّ إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}(آل عمران8/9)
ربِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (يوسف:101)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بطاقة تعريف بالمؤلف

الاسم: مسلم اليوسف بن محمد جودت من مواليد خان شيخون – محافظة إدلب - سورية عام 1968م .

- درس في مدارس حلب حتى حصل على الشهادة الثانوية العامة ثم حصل على الليسانس في الحقوق عام 1991م، ثم درس الشريعة الإسلامية فحصل – بفضل الله تعالى –على الماجستير عام 1995م ، ثم تفضل الله تعالى عليه بالدكتوراه ( فقه مقارن ما بين الشريعة والقانون ) عام 1998م .
- في عام 1999م 2003- عين مديرا لمعهد المعارف لتخريج الدعاة في جمهورية الفلبين .

- و هو الآن :

1- محامي في الجمهورية العربية السورية
2 - باحث في الدراسات الفقهية و القانونية ( مدير و صاحب مركز الأرقم للبحوث والدراسات الإسلامية ).
3- مستشار في مركز التنمية في المملكة العربية السعودية.http://www.almostshar.com ) )
6- له صفحة في موقع صيد الفوائد (http://saaid.net/Doat/moslem)
7 - مشرف في موقع طريق الهدى (http://hoodaway.com)
8- مستشار لدى العديد من المؤسسات و المنظمات و الهيئات العربية والدولية.
شهادات الشكر و التقدير :
1- شهادة شكر وتقدير من معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين.
2 - شهادة تقدير من مؤسسة دار الهجرة لإعداد الدعاة في الفلبين.
أهم الكتب:
1- المحاماة في ضوء الشريعة الإسلامية - -دار الريان – لبنان – بيروت.
2- حكم وحدود الاستمتاع بالزوجة – دار الريان – بيروت.
3- الموسوعة الإسلامية الميسرة –مشارك – دار الصحارى – حلب.
4- فتاوى هامة – دار الريان - بيروت – لبنان.
5- أين الله.
6-الخيارات : الأساليب الوقائية والعلاجية للغبن في الفقه الإسلامي
7- نظرية الاستغلال في القانون الوضعي في ضوء الشريعة الإسلامية
-8الغبن في الفقه الإسلامي
9-بيع النجش في الفقه الإسلامي
10-بيع تلقي الركبان في الفقه الإسلامي
11- بيع المسترسل في الفقه الإسلامي
-12هل المحاماة حلال أم حرام
13-الوصية الشرعية : أحكامها – أركانها - شروطها
14- مفهوم التمييز ضد المرأة " رؤية شرعية

و له العديد من الكتب و الأبحاث الشرعية و القانونية منشورة على الشبكة العنكبوتية.

حلب سورية – هاتف :
نقال : 0096395453111
مكتب : 00963212268436
البريد الكتروني :
abokotaiba@hotmail.com
M1968@gawab.com
BAHRAIN LAW
مدير الموقع
مدير الموقع
 
مشاركات: 758
اشترك في: الأربعاء سبتمبر 17, 2008 5:36 pm
الجنس: ذكر

العودة إلى القانون المدني

 


  • { RELATED_TOPICS }
    ردود
    مشاهدات
    آخر مشاركة

الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 96 زائر/زوار