طبيق ونفاذ حق المؤلف والحقوق المجاورة في السودان

طبيق ونفاذ حق المؤلف والحقوق المجاورة في السودان

مشاركة غير مقروءةبواسطة BAHRAIN LAW » الاثنين سبتمبر 22, 2008 10:35 am

تطبيق ونفاذ حق المؤلف

والحقوق المجاورة في السودان

}بقلم{

دفع الله الحاج يوسف مدني

رئيس القضاء الأسبق

وزميل كلية القانون – جامعة الخرطوم

مقدمة1_ تكاد تجمع كل النظم القانونية السائد في العالم اليوم على وجود ثلاثة أنوع من الملكية يحميها القانون ويحدد الحقوق المتلقه بها ويبين وسائل وطرائق حماية تلك الحقوق وتعويض أصحاب الحقوق إذا ما انتهكت من قبل الدول أو الأفراد التحوطات آلتي تحول دون انتهاكها. هنالك ملكية الأشياء الثابت والاشاء المتحركة والملكية الفكرية وبالتالي فان حماية الملكية الفكرية جزء لا يتجزأ من نظام حماية الملكيات الأخرى حفظاً للحقوق ومنعاً لنشوء النزاعات وتحقيقاً للعدالة . ولعل القوتين المتعلقة بحماية ملكية الأشياء الملموسة سواء كانت ثابت آو متحركة في جانبها الإجرائي والموضوعي قد استقرت منط زمن بعيد في النظم القانونية المختلفة. أما فيما يتعلق بحماية الملكية الفكرية فقد تمت بلورة كثير من البادي العامة المنظمة في القوانين الوطنية والسوابق القضائية والاتفاقات الدولية ، ولكن التقدم التقني المتسارع الخطى والعولمة التي تنتظم عالم اليوم وتبادل المنافع بين الدول والشعوب وما ينشأ عن ذلك من تنافس في مجال التجارة والصناعة والاختراعات والأعمال الأدبية والفنية وينشأ من النزاعات حول استحواذ على المنافع الناشئة من هذا النشاط الإنساني المستمر يجعل الحماية الفكرية أمراً ضرورياً من الناحية ويقتضي تطويراً لمفهوم الحماية في النطاق الوطني والدولي والقوانين المتعلقة به وتبسيط الاجراءأت تلك الحماية . إن مفهوم الملكية الفكرية قد تمت بلورته في نص واضح ومحدد في ‘اتفاقية استوكهولم في 14/يوليو 1967م تلك الاتفاقية التي أسست بموجبها المنظمة العالمية للملكة الفكرية ، وقد سبق هذا الحدث صدور تشريعات في بعض الدول وتوقيع معاهدات دولية كانت أساسا ً لهذا المفهوم السائد الآن ووفق هذا المفهوم فإن الملكية الفردية تشمل الحقوق الفكرية والأعمال الأدبية والفنية والعلمية وحماية فناني الاداء ومنتجي التسجيل وهيئات الإزاغة وحماية منتجي الفتوغرافات واستنساخ فتوغر أفتهم دون تصريح والاختراعات في كل مجال النشاط الإنساني والاكتشافات العلمية والرسوم والنمازج الصناعية والعلامات التجارية وعلامات الخدمات والأسماء التجارية والبينات الجغرافية آي يانات المصدر وتسمية المنشأ وقمع المنافسة غير المشروعة . وتجدر الإشارة هنا إلى العديد من الاتفاقيات ،والتي تتعلق بأنواع المختلفة من الملكية الفكرية وتصنيفها والتي في مجملها تتضمن أحكاماً تتعلق بالمعاملة الوطنية وحق الأولوية والقواعد العامة .

نخلص من هذه المقدمة إلي أن حق المؤلف والحقوق تنشأ من مفهوم الملكية الفكرية والحقوق المتعلقة بها ، ونشير بوجه خاص إلي القوانين السارية في جمهورية السودان ونتناول بشيء من التفصيل قانون حماية المؤلف والحقوق المجاورة 1996 م.

لقد تضمنت التشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية بعض المبادئ العامة التي تحكم حق المؤلف يمكن أجازها في أن الذي تنص القوانين على الحماية هو تعبير المؤلف عن فكرته وليس الفكرة ذاتها وذلك حين يتم التعبير عن الفكرة بشكل ملموس سواء كان ذلك الشكل كتابة أو رسماً أو تعبيرا صوتياً نحتاً أو غير ذلك من الأشكال الثابتة .أن حماية الفكرة تقع في نطاق تحكمه القوانين المتعلقة بالبراءات أو غيرها ،وان المصنف المطلوب حمايته ليس بالضرورة لا أن يكون قد تم نشره بالبادي العامة أيضا أن الحماية أمر مستقل عن مستوى النوعية أو قيمة المصنف أو قرضه . وأن حق المؤلف هو حقه في احترام إبداعه الفكري الأصيل والحصول على عايد منه

ومن المبادي العامة ايضاً أن الحماية تطبق على حق المؤلف على اقل طول مدة حياته والفترة المحددة بعد وفاته وقد اختلفت التشريعات القومية في تحديد المدة التي تستمر فيها الحماية بعد وفاته إلا أن قانون حماية المؤلف والحقوق المجاورة 1996 م قد نص في المادة (13) على حماية حق المؤلف كما تثبتها المادة 8 (أ) من القانون المذكور لمدة خمسين سنة وبعد وفاته إلا انه خصص بعض المصنفات وجعل حق المؤلف خمسة وعشرين سنة تبداء من تاريخ النشر. ومن المبادئ العامة أيضاً أنه بعد إنتها مدة الحماية يصير المصنف ملكاً عاماً .

3- الحقوق المجاورة:

ولما كان قانون حماية المؤلف والحقوق المجاورة 1996 م قد إشارة إلى الحقوق المجاورة الأمر الذي لم يرد في اسم قانون حماية المؤلف 1974 م فان المقام يقتضى تعريف الحقوق المجاورة ويطلق وصف الحقوق المجاورة على ثلاثة أنواع من تلك الحقوق :

1_ حماية أداء الفنانين من ممثلين ومطربين وموسيقين والأشخاص الآخرين الذين يؤدون المصنفات الأدبية الفنية حيث يتمتعون بالحماية من بعض الأعمال التي لم يصرحوا بها إذاعة أو نقل أدائهم المباشر إمام الجمهور أو تثبيت أدائهم المباشر على دعامة مادية أو استنساخ هذا التثبيت إذا جرى التثبيت الأصلي دون موافقتهم أو إذا جرى الاستنساخ لأغرض غير الأغرض التي وافقوا عليها.

2_ حماية حق منتجي التسجيلات الصوتية بتصريح او حظر استنساخ تسجيلاتهم الصوتية بطريقة مباشرة .

3-حماية حق هيئات الإذاعة بتصريح أو بعض العمليات مثل إعادة إذاعة برامجها وتثبيتها على دعامة مادية واستنساخ هذه الهيئات ونقل برامجها للجمهور إذا ماجرى هذا النقل في أماكن متاحة للجمهور مقابل رسم الدخول .

لقد نصت هذه الحقوق اتفاقية روما لسنة 1960 م آلتي تضمنت بعض الاستثناءات. أن الفكرة الأساسية آلتي تقوم على الحقوق المجاورة هي حماية حقوق من يساعدون أصحاب الإبداع الفكري في نقل إبداعهم في شتى صور للجمهور ولقد اخذ المشرع السوداني بهذا المفهوم وقد ورد في المادة (3) من قانون حماية الؤلف والحقوق المجاورة لسنة1996 م تعريف الحقوق المجاورة بأن المقصود بها فنانو الاداء ومنتجو التسجيلات المسموعة والمرئية وهيئات البث.

4_ قبل الحديث عن تطبيق الحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ونفاذها يقتضى المقام شرح هذه الحقوق وفق التعريفات الواردة والقيود عليها كما وردت في قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة 1996 م

1- نصت المادة الثامنة (ا) على الحقوق الأدبية التي تكون للمؤلف على مؤلفه :

وقد شملت الحقوق الأدبية :

أولاً: كشف الصنف للجمهور

ثانياً: نسبة مصنفه لنفسه ونسبة اسم مصنفه متى ما كان استعمل ذلك المصنف.

ثالثاً: يمكن تقديم مصنفه للجمهور باسمه الحقيقي أو تحت اسم مستعار.

رابعاً: الاعتراض على أي تحريف أو تشويه لمصنفه أو لأي مصنف آخر مشتق منه.

خامساً: سحب مصنفه من التداول إذا كان ذلك لا يعكس أو يتطابق مع ما يحمله من معتقدات فكرية بشرط أن يحدد الأطراف المعنية آلتي تضررت من جراء تصرفه ذلك.

2- كما نصت المادة الثامنة (ب) على الحقوق المالية والحقوق التى يجوز له أن يفوض بموجبها تشمل:

أولاً: نشر ونسخ المصنف بأي وسيلة معلومة أو غير معلومة أو بتوزيع المصنف على الجمهور عن طريق البيع أو الإيجار إن التسليف على أساس تجارى.

ثانياً: التمثيل والأداء العلني للمصنف.

رابعاً: إيصال المصنف للجمهور بوساطة السلك الذي يشتمل الكيبل أو الوسائل البصرية أو أي مادة ناقلة.

خامساً: الترجمة إلى لغا ت أَََخرى.

سادساً: الاقتباس أو إعادة توزيع أو تحوير المصنف.

سابعاً: عرض المصنف علناً والسماع باى أفعال أخرى وذلك بهدف الاستغلال التجاري للمصنف بوسطة الوسائل المتوفرة أو أي وسائل أخرى تكون معلومة.

نلاحظ إن قانون 1996 م قدنص على حقوق المؤلف بتفصيل أكثر من قانون1974 م ومما يجدر ذكره أن هذه الحقوق قد تضمنتها الاتفاقيات الدولية المختلفة من اتفاقيات برن السنة 1896 م وفى برلين 1908 م وفلا برن 1914 م وفى روما 1928 م وفي بروكسل 1948 م وفي استكهولم1967 م وفي باريس 1971 م والتعديل الذي جرى عليها 1979 م وتمخضت هذه التعديلات المختلفة عن ثلاثة مبادىء هامة تتعلق بالحماية.

المبدأ الأول: مبدأ المعاملة الوطنية وهو أن يحظى المؤلف بالحماية بنفسها التي يجدها في القطر الذي نشأت فيه هذه الحقوق وفى الأقطار الأخرى الموقعة على الاتفاقية.

المبدأ الثاني: مبدأ الحماية التلقائية ويعنى ألا تكون هذه الحماية مشروطة باتخاذ أي إجراء شكلي.

المبدأ الثالث: مبدأ استغلال الحماية وهى إن الحماية لا تتوقف على الحماية الممنوحة في بلد المنشأ إلا في حالة إذا كانت مدة الحماية الممنوحة أطول من الحد الأدنى المنصوص عليه في الاتفاقية جاز رفض الحماية الدولية عند أنتها مدتها في بلد المنشأ.



5- أٌََُْْسس الحماية:

أسس حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة الوردة في قانون حماية المؤلف والحقوق المجاورة كما نصت عليها المادة (4) تقوم على الجنسية والإقامة مع النشر والمعاملة بالمثل وهى نفس ألأسس التي وردة في القانون 1974 م إلا أن قانون1996 م قد توسع أكثر في تفصيل هذه الحقوق فشمل في المادة 40(ج) المصنفات المشتركة إذا كان أحد مؤلفيها على الأقل سودانياً ، كما بين بشيء من التفصيل الحقوق المجاورة .

هذه الحماية تنسق في جملتها مع مفهوم الحماية كما ورد في الاتفاقيات الدولية المختلفة بالرغم من أن السودان ليس في أكثر من هذه الاتفاقيات وأورد هنا ملاحظة قيمة للدكتور أكادا مانتير في بحثه القيم عن حماية المؤلف في القانون السوداني وهى أن أسس الحماية في القانون السوداني تؤدى إلى حماية أقل للمؤلف الأجنبي إذ أنها تربط بين الإقامة والنشر في حالة المؤلفات المنشورة أما في الاتفاقيات الدولية فأن النشر يشكل أساساً الحماية.

لقد كانت المعاملة بالمثل إحدى أسس الحماية بموجب قانون 1974 م أما قانون 1996 م فقد ....أساساً آخر ينسأ من اتفاقيات دولية يكون السودان طرفا فيها.

ولعل التغير المستنير لإسباغ الحماية على المؤلف بموجب الاتفاقيات الدولية يعالج القصور الذي أشار إليه د. اكو لدا في بحثه القيم المنشور في:

Arab law Quarterly Review Volume 6 part 2 1991.

6- حماية حق المؤلف ونطاق تلك الحماية:

نصت المادة (5/1) من قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة على تطبيق الحماية دون التقيد بأى شكليات مقررة للحماية على أي مصنف مبتكر أصيل في مجال الآداب والعلوم والفنون أياً كانت طريقة التعبير فية أو قيمته أو غرضه. وهذا نص متميز يتفق مع كل ما ورد في المعاهدات الدولية ويرسخ مبدأ الحماية التلقائية وهو ألا تكون الحماية مقيدة بأي اجرا ء شكلي وهو تطوير ملحوظ في القانون السوداني في مفهوم الحماية وتوسيع نطاقها على ما ورد فى قانون حماية حق المؤلف لسنة 1974 م .

7- وقد نصت المادة (5/1) من قانون 1996م على المصنفات التي تشملها الحماية هى:

(أ) المصنفات المكتوبة كالكتب والمجلات والنشرات الدورية والمقالات ونحو ذلك.

(ب) مصنفات الفنون الجميلة نحتاً كان أو تلويناً أو رسماً أو زخرفة أو من أعمال الفنون التطبيقية والمصنفات من الفنون الحرفية ونحوها.

(ج) مسرحيات والمسرحيات الموسيقية والمصنفات الناطقة وغير الناطقة والتمثيليات الموسيقية التمثيليات الاستعراضية والعروض ألا استعراضية التي تؤدى بحركة أو خطوة.

(د) المصنفات السمعية البصرية.

(هـ) مصنفات التصوير الفوتغرافى.

(و) مصنفات الفن المعماري.

(ز) برامج الحاسب الآلي (الكمبيوتر).

(ح) بنك المعلومات الكتروني.

(ط) الخرط بأنواعها والمخططات المتعلقة بالجغرافية أو الطوبوغرافيا أو العلم.

(ى) كل المصنفات الأ خري المعلومة وغير المعلومة.

ونلاحظ أن الحماية تحت هذا القانون قد شملت برامج الحاسب الآلي وبنك المعلومات وهو مالم يرد في قانون 1974 م كما أن نطاق الحماية قد امتد بموجب قانون 1996 م ليشمل مصنفات فرعية بموجب المادة (5/2) والتي تنص على الآتي:

(أ‌) التراجم والاقتباس والترتيبات والتحورات للمصنفات الأصلية.

(ب‌) جمع المصنفات المحمية أو من المواد غير المحمية بشرط أن يكون اختيارها وترتيب محتواها هو الذي يجعلها مجهوداً فكرياً أصيلا.

8-المصنفات التي لا تشملها الحماية:

نصت المادة السادسة على المصنفات التي لا تشملها الحماية وهى:

(أ‌) المصنفات التي آلت إلى الملك العام.

(ب‌) الوثائق الرسمية.

(ج) الصحف اليومية وما تنشره الصحف والمجلات والنشرات الدورية والأذاعة والتلفزيون من الأخبار اليومية أو الحوادث ذات الصيغة الخبرية.

(د) الأفكار والمناهج وشعارات الدول ورموزها.

9- وقد افرد القانون المادة السابعة للفلكلور وحماية إذ نصت على أن يكون الفلكلور الوطني للمجتمع السوداني ملكاً عاماً للدول وخولت الدولة صلاحيات المؤلف بالنسبة للمصنفات الفلكلورية في مواجهة النشوية والتحرير والاستغلال التجاري.

لأنص قانون حماية المؤلف والحقوق المجاورة على تعريف للفلكلور وحتى أللآن يوجد تعريف متفق عليه بالرغم من المحولات العديدة، أن كثيراً من التشريعات الخاص بالملكية الفكرية للفلكلور تجنبت تعريف الفلكلور. ولكن المأخوذ به الآن وهو ما يسمى بالنصوص النموذجية فى القوانين الوطنية لحماية التغير عن الفلكلور ضد الاستغلال غيرالشرعى وأي أفعال ضارة، وتلك النصوص النموذجية تذكر أن المفهوم من التعبير عن الفلكلور هو إنتاج عناصر التراث الفني التقليدي الذي ابتدعته وطورته المجموعة في بلد من البلاد. وهذا ما اعتمدته لجنة الخبراء الحكوميين لحماية الفلوكلور التي اجتمعت في باريس في عام 1982م .

إن اعتبار الفلوكلور ملكاً عاماً للدولة وسعي الدولة لحمايته وممارستها صلاحيات المؤلف بالنسبة للمصنفات الفلوكلورية في مواجهة التشويه والتحوير والاستغلال التجاري مبدأ مقبول وضروري خصوصاً لدول العالم النامي ذلك أن التقدم التقني الهائل في مجال التسجيل المسموع والمرئي وفي عصر ثورة الاتصال قد يؤدي إلى استغلال سئ أو تشويه أو تحوير لتراث الأمة الذي يعبر عن ذاتيتها الثقافية.

1- القيود على حقوق المؤلف:

يكاد يكون هنالك إجماع في القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية على أن حق المؤلف في الحماية ليس حقاً مطلقاً بل هنالك قيد زمني ومكاني وقيد ينشأ من مبدأ الاستعمال العادل مثل الاقتطاف بشرط ذكر اسم المؤلف وللحد الذي يقتضيه الاستعمال العادل ((Fire Use .

نصت المادة 13(1) من قانون حماية المؤلف والحقوق المجاورة على القيد الزمني فيما يلي :

1- تستمر الحقوق المالية في المصنف مدى حياة المؤلف ولمدة خمسين سنة بعد وفاته.

2- تكون مدة حماية حق المؤلف خمسة وعشرين سنة من تاريخ النشر في المصنفات الآتية :

(أ‌) الصور الفوتغرافية والأفلام السينمائية والمصنفات السمعية والبصرية الأخرى.

(ب‌) المصنفات التي تنشر لأول مرة بعد وفاة المؤلف ، إذا كان المصنف مكوناً من عدة أجزاء أو مجلدات بحيث تنشر منفصلة أو على فقرات مكوناً من عدة أجزاء أو مجلدات بحيث تنشر منفصلة أو على فقرات فيعتبر كل جزء أو مجلداً صنفاً مستقلاً وذلك لأغراض حساب مدة الحماية.

(ج) المصنفات التي تنشر باسم مستعار غير معروف أو بدون أي اسم لمؤلفها يبدأ حساب المدة مع أول نشر للمصنف ، بغض النظر عن إعادة النشر إلا إذا أدخل المؤلف على مصنفه عند الإعادة تعديلات جوهرية بحيث يكون اعتباره مصنفاً جديداً .

3- بالنسبة للمصنفات المشتركة تحسب المدة من تاريخ وفاة آخر من بقي حياً من مؤلفيها.

أما القيد المكاني فيمكن تلخيصه في أن حقوق المؤلف في بلد ما تتم حمايته بموجب قانون ذلك البلد للانتهاكات التي تحدث في البلد المذكور .

أما إذا حدثت انتهاكات لتلك الحقوق غفي بلد آخر فتتم حماية حقوقه بموجب قوانين ذلك البلد الآخر إلا أن المادة 4(ب) من قانون 1996م قد بسطت الحماية على مصنفات المؤلفين السودانيين التي تنشر أو تقدم لأول مرة في بلد أجنبي.

أما القيد الناشئ من مبدأ الاستعمال العادل (Faire Use) فقد أخذ به المشرع السوداني في المادة (14/1) مع مراعاة أحكام المادة الثانية فيجوز للصحف والمجلات والنشرات الدورية والإذاعة والتليفزيون أن:

(أ‌) تنشر مقتبساً أو مختصراً أو بياناً موجزاً من المصنف بغرض التحليل والدراسة أو التثقيف أو الأخبار.

(ب‌) تنقل المقالات أو المحاضرات أو الأحاديث الخاصة بالمناقشات السياسية أو الاقتصادية أو العلمية أو الدينية أو الاجتماعية التي تكون محل اهتمام الرأي العام في وقتها.

(ج) تنقل أو تنشر أي صور أخذت لحوادث وقعت علناً أو كانت لأشخاص رسميين أو مشهورين ويجب في كل هذه الأحوال أن يذكر اسم المصنف المنقول عن اسم مؤلفه.

2- يجوز للفرق الموسيقية التابعة لقوات الشعب المسلحة والشرطة والمحليات والمسرح المدرسي أن تقوم بإيقاع أو تمثيل أو أداء أو عرض أي مصنف بعد نشره على ألا يحصل على مقابل مالي نظير ذلك.

(أ) نقل مقتطفات قصيرة من مصنفات سبق نشرها.

(ب) نقل أي رسومات أو صور أو تصميمات أو مخطوطات أو خرائط علي أن يقتصر النقل عليما هو ضروري لتوضيح المكتوب.

11- حوى الفصل الرابع من قانون 1996م فصلاً عن انتقال ملكية حق المؤلف والحقوق الأدبية والمادية وأهم المباديء التى تضمنها الفصل المذكور في المادة 15 (1) و(2) هي عدم خضوع الحقوق الأدبية والمادية للتقادم وبطلان التصرفات الخاصة بانتقال حقوق المؤلف المادية والمستقبلية . كما أجاز للمؤلف أن ينقل لأى شخص كل أو أي من حقوقه المادية والأدبية ولكنه قد علق صحة الانتقال على وجود عقد مكتوب موقع من مالك الحقوق أو من ينوب عنه يسجل بمكتب المسجل يبين شروط التنازل بالتفصيل الضروري.

كما الزم في المادة (16) مستعملي حقوق المؤلف بالالتزام التام باستغلال المصنف وفق شروط وبنود عقد انتقال حقوق المؤلف كما الزم المؤلف بالامتناع عن أي عملمن شأنه تعطيل استعمل الحق المأذون به ولكنه جوز للمؤلف سحب مصنفه أو إجراء تعديل أو حذف أو إضافة بعد الاتفاق مع الشخص المأذون لهوفي حالة عدم الاتفاق تعويضه تعويضاً عادلاً تقدره المحكمة.

أفرد المشرع السوداني فصلاً كاملاً لحماية الحقوق المجاورة وحقوق فناني الأداء شملت الحقوق الأدبية والمادية وحق توكيل الغير . كما نص على دفع المكافأة العادلة .

12- تسجيل الأعمال والعقود :

التدابير الإدارية وإجراءات التسجيل وتيسيرها عامل هام في حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة شريطة ألا يكون ذلك قيداً يحول دون تطبيق الحماية أو يجعل تطبيقها أمراً عسيراً .

وقد نص قانون 1996م في المادة 5(1) على أن تطبق الحماية دون التقيد بأي شكليات كما نصت المادة 23(1) على أن تكون طلبات تسجيل المصنفات اختبارية .

إن التدابير الإدارية وإجراءات التسجيل وتعيين مسجل عام وتحديد صلاحيته في تقديري هي الوسيلة المثلى لحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة في حالة نشوء نزاع واتخاذ إجراءات قانونية إذ أن الوثائق الرسمية من طلبات تسجيل وغيرها تكون دليلاً على نشأة المصنف وتأليفه . كما أن تسجيل المصنف وفق ما نص عليه القانون وبالتفاصيل المذكورة يكون عاملاً حاسماً في حسم أي نزاع ينشأ حول مدة الحماية أو أيلولة الحقوق أو غيرها من مواطن الخلاف .

13- لقد فرق الفصل الرابع بين إذن المؤلف على سبيل التخصيص أو دون تخصيص والحق المستعمل بالتخصيص يحول لمن انتقل إليه الحق في استعمال المصنف واستبعاد بقية الأشخاص بما فيهم المؤلف إن النصوص السابقة الذكر تتسق تماماً مع المباديء التي نص عليها القانون النموذجي المعروف بقانون تونس النموذجي لحق المؤلف . وهو نتاج جهد دولي لصياغة قانون نمذجي تعمل به الدول النامية وتسترشد به في صياغة تشريعاتها الوطنية وقد تمت إجازته في تونس في الثاني من فبراير 1976م في ندوة حضرها خبراء حكوميون من 27 دولة من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية . والقانون النموذجي يأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة بالدول النامية ويحاول تطبيق ما نصت عليه المعاهدات الدولية وهو جهد مقدر للمنظمة العالمية للملكية الفكرية ولتعاون منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة.

14-لقد نص القانون في هذا الفصل أيضاً على عقد النشر وعقد التمثيل وعقد الأداء العام ومحتوياتهما حفظاً للحقوق ودرءاً لأسباب التنازع المادة (17،18).

15- الاعتداء على حق المؤلف:

يقع الاعتداء حق المؤلف حينما يقوم أي شخص بدون وجه حق وهو عالم بذلك بأي من الأفعال المذكورة في المادة الثامنة من قانون 1996م بأي مصنف أو جزء أساسي منه . والقيام بأي من تلك الأفعال التي لا يحق لأحد القيام بها غير مالكها لا شك اعتداء علي حق مملوك للغير سواء كان ذلك الحق مادياً أو أدبياًوتلك الحقوق كما نصت عليها المادة الثامنة هي:

1- كشف المصنف للجمهور .

2- نسبة المؤلف مصنفه لنفسه ونسب اسم مصنفه متى ما كان قد استعمل لك المصنف .

3- نشر وتقديم مصنفه للجمهور باسمه الحقيقي أو تحت اسم مستعار أو بدون اسم .

4- الاعتراض على أي تحريف أوتشويه لمصنفه أو لمصنف آخر مشتق منه .

5- سحب مصنفه منا التداول إذا كان ذلك لا يعكس أو يتطابق مع ما يحمله من معتقدات فكرية بشرط أن يحدد الأطراف المعينة التي تتضرر من جراء تصرفه ذلك .

هذا فيما يتعلق بالحقوق الأدبية أما فيما يتعلق بالحقوق المالية التي يجوز له أن يفوض بموجبها فتشمل:

أولاً : نشر ونسخ المصنف بأي وسيلة معلومة أو غير معلومة أو بتوزيع المصنف على الجمهور عن طريق البيع أو الإيجار أو التسليف على أساس تجاري .

ثانياً : التمثيل والأداء العلني للمصنف .

ثالثاً : إذاعة المصنف عبر الاتصال والتوابع الصناعية .

رابعاً : إيصال المصنف للجمهور بوساطة السلك الذي يشمل الكيبل أو الوسائل البصرية أو أي مادة ناقلة .

خامساً : الترجمة إلي لغات أخرى .

سادساً : الاقتباس أو إعادة توزيع أو تحوير المصنف .

سابعاً : عرض المصنف علناً والسماح بأي أفعال أخرى وذلك بهدف الاستغلال التجاري للمصنف بوساطة الوسائل المتوفرة أو بأي وسائل أخرى تكون معلومة .

إن الاعتداء لا يقع إلا إذا قام المعتدي بالأفعال المذكورة بدون وجه حق وهو عالم بذلك . لقد نص قانون 1974م على العلم وعدم الحصول على إذن من المالك . والنص في قانون 1996م على عدم وجود وجه حق يشمل عدم الحصول على إذن من المالك بداهة كما يشمل الحالات الأخرى التي قد يزعم المعتدي أن من حقه القيام بها مثل إدعائه بانقضاء مدة الحماية أو أيلولة الحق للدولة أو غير ذلك من الوقائع .

أما العلم فيقتضي بداهة أن يعلم أن هذا الحق مملوك لشخص آخر وأن فعله يشكل اعتداء على ذلك الحق . ولما كان الاعتداء على الحق جريمة بموجب المادة 36(1) فإن مجرد العلم يرقيللقصد الجنائي ولا حاجة لإثبات القصد الجنائي .

وفي حالة الدعوى المدنية للمطالبة بجميع الحقوق المتعلقة بالتعويض وتطبيق أي من الإجراءات التحفظية المنصوص عنها في قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م فإن البينة أو القصد ليس من عناصر المسئولية المدنية وهو ما درج عليه القانون العام الإنجليزي الذي كانت تستصحبه محاكمنا السودانية .

وبجانب الأفعال المذكورة في المادة 8 (أ) و(ب) اعتبرت المادة 34 (ب) التصرفات في أي مصنف تم الاعتداء على حق المؤلف بشأنه اعتداء على حق المؤلف . وتلك التصرفات تشمل الاستخراج والتقليد والبيع والتأجير والتوزيـــع والاستيراد للأغراض التجاريــة كمــا شملت أيضاً تصدير ذلك المؤلف وهو ما يطلق عليه الاعتداء الثانوي في القانون العام ( secondary Infringement) وفي هذه الحالة يجب أن يكون المعتدي على علم أو هناك أسباب تحمل على الاعتقاد أن المصنف موضوع تصرفه نتج عن اعتداء على حق مؤلفه .

16- إن الاعتداء علي حق المؤلف تترتب عليه مسئولية جنائية ومدنية .

(1) المسئولية الجنائية :

نصت المادة 26(1) علي ما يلي :

يعاقب كل من يرتكب جريمة الاعتداء على حق المؤلف بغرامة يترك تقديرها للمحكمة أو السجن لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات أو العقوبتين معاً . وهذا النص استمرار لما درج عليه المشرع السوداني من اعتبار الاعتداء على حق المؤلف جريمة يعاقب عليها القانون فقد نص قانون حماية حق المؤلف لسنة1974م على اعتبار الاعتداء على حق المؤلف جريمة يعاقب عليها القنون إلا أن قانون سنة 1996م قد غلظ العقوبة فأضاف عقوبة السجن لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات وخول القاضي توقيع العقوبتين معاً الغرامة والسجن . وبجانب العقوبة المنصوص عليها جوز القانون للمحكمة أن تأمر بمصادرة أو إبادة نسخ ذلك المصنف إذا كان من رأي المحكمة أن تلك النسخ ناتجة من الاعتداء على حق المؤلف . كما جوز لها مصادرة كل المواد المساعدة أو التي استعملت في القيام بالاعتداء ولها أن تأمر بإحالة هذه المواد لمالك حق المؤلف أو اتلافها أو التخلص منها بالطريقة التي تراها المحكمة . كما نص على مضاعفة الغرامة أو مدة العقوبة في حالة استلام مرتكب جريمة حق المؤلف أموالاً نتيجة للاعتداء على حق المؤلف .

وقد نص القانون أيضاً علي نشر حكم المحكمة في واحدة أو أكثر من الصحف اليومية على نفقة المحكوم ضده .

تطبق نصوص قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م في حالة وقوع اعتداءعلى حق المؤلف وبموجب ذلك القانون فإن للنيابة العامة سلطة التحري والإشراف على التحري وتولي الاتهام وذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون المذكور حيث تقرأ ( تطبق أحكام هذا القانون على إجراءات الدعوى الجنائية والتحري والضبط والمحاكمة والجزاء المتعلق بالجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي أو أي قانون آخر مع مراعاة أي إجراءات خاصة ينص عليها أي قانون آخر ) ، والمراعاة في هذه الحالة هي تطبيق النصوص الخاصة وسيادتها علي النصوص العامة عملاً بالقاعدة التفسيرية بأن الخاص يقيد العام .

وتستهدي المحكمة بالمباديء التي نص عليها القانون في مادته الرابعة عند تطبيقها أحكامه ولعل من المناسب التركيز على بعض تلك المباديء لما لها من مساس بالإجراءات المتعلقة بدعوى الاعتداء على حق المؤلف .

(أ) نصت المادة 4(ظ) على جواز الصلح أو العفو في كل جريمة تخص حقاً بمقدار ذلك الحق مع مراعاة أحكام الحدود وفقاً لهذا النص أرى أنه من حق المؤلف المعتدى على حقه الصلح أو العفو . وفي تطبيق المحاكم لمبدأ الصلح لم تضع عليه قيداً إلا أن يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية لأن القاعدة الأصولية أن الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً وهذا يقود لاستثناء جرائم الحدود والجرائم التي تتعلق بالحق العام وجرائم القصاص والديات إلا إذا وافق المجني أو أولياؤه بقدر حقه في القصاص ، كما نصت المادة 4(و) على مراعاة الرفق كلما تيسر في إجراءات التحري والاستدعاء ولا يلجأ لسلطات الضبط إلا إذا كان ذلك لازماً . إذ أن الممارسة في الدولة النامية تجنح إلى استعمال سلطات الضبط إرهاباً للمتهم وإدعاءً باطلاً أن في ذلك حماية للحقوق وتحقيقاً للعدالة الناجزة .

1- تقوم النيابة بالتحري في بلاغات الاعتداء على حق المؤلف بعد فتح البلاغ إلا أن التحري في هذا النوع من الجرائم للحصول على الأدلة وتقديمها لإحالة المتهم إلي المحاكمة وما يتبع ذلك من إجراءات ضبط وتفتيش أمراً تكتنفه صعاب حمة لأن الاعتداء علي حق المؤلف يأخذ شتى الصور وقد يتم باستعمال تقنيات متقدمة مما يجعل العثور على دليل الاعتداء أمراً صعب المنال وكثيراً ما يتم بتواطؤ أفراد متعددين لذلك يتعين على النيابة ألا تتعامل معه بأسلوب ومعايير الجرائم العادية التي يمكن الحصول على دليل إرتكابها من غير مشقة .ولكي يتم تقويم الأدلة تقويماً صحيحاً لابد من استيعاب جيد لطبيعة حق المؤلف وما عليه من قيود مكانية وزمانية والحماية المقررة ونطاقها والاستثناءات الواردة في القانون .

وهنا تكسب التدابير الإدارية مثل تسجيل المصنف والعقود الخاصة به والمعلومات المتعلقة بمدة الحماية المقررة وتاريخ بداية تلك الحماية أهمية خاصة في إثبات الجريمة وفي توفير الكثير من الوقت والجهد . ليس من شأن التحري كما هو معلوم الفصل في الدعوى الجنائية انما يقوم بتجميع الأدلة وتقويمها والتقرير على ضوء القانون إن كانت تكتفي لتوجيه اتهام أمام المحكمة الجنائية المختصة التي لها وحدها الحق في الفصل في الدعوى . وحسب ما جرى عليه العمل فإن من حق المتهم تقديم استئناف لوكيل النيابة الأعلى وللمدعي العام ولوكيل النائب العام وللنائب العام شخصياً ضد أي قرار يصدره وكيل النيابة الذي يتولى التحري . قبل أن يكون القرار بتوجيه المتهم وإحالة القضية للمحكمة قراراً نهائياً .

وقد نص القانون على أن العقوبات المنصوص عليها في المادة 36 التي تسري على من يرتكب جريمة الاعتداء علي حق المؤلف تطبق في حالة الاعتداء على أصحاب الحقوق المجاورة.

17-المسئولية المدنية :

تترتب على الاعتداء على حق المؤلف مسئولية مدنية تكون سبباً لدعوى التعويض للاعتداء المقصودوغير المقصود كما تكون سبباً لاستصدار أوامر من المحكمة لوقف الاعتداء علي حق المؤلف في المصنف أو جحز صور أو نسخ أو مستخرجات منه أو حصر العائد المالي الذي تم تحصيله نتيجة للاعتداء على حق المؤلف وحجز تلك الأموال في خزينة المحكمة أو إصدار أي أمر آخر لحماية حقوقه حتى يتم الفصل في الدعوى .

وقد أجاز القانون لمالك حق المؤلف أو وكيله استصدار أمر تفتيش لأي مباني يوكن قد استعملها مرتكب جريمة الاعتداء على حق المؤلف وضبط أي نسخ أو صور لأي مواد تتعلق بالاعتداء المدعى به كما أجاز القانون للمحكمة أن تأمر المتهم بجريمة الاعتداء على حق المؤلف بالكشف عن أسماء وعناوين الجهات التي أمدته بالمؤلف وزبائنه والأماكن التي توجد فيها المواد المتعلقة بالاعتداء على ذلك الحق .

(أ) التعويض :

نصت المادة 32(1) من قانون المعاملات المدنية على أن يتبع في شأن حقوق المؤلف والمخترع والفنان والعلامات التجارية وسائر الحقوق المعنوية الأخرى أحكام القوانين الخاصة . ولما كان القانون الخاص وفي هذه الحالة قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لم يتطرق لموضوع التعويض إلا من حيث المحكمة المختصة بنظر دعاوى التعويض وللاعتداء المقصود أو غير المقصود على حق المؤلف والأوامر التي يمكن للمحكمة إصدارها قبل الفصل في الدعوى يتعين تحديد المبادئ التي تحكم التعويض من حيث نوعه وطبيعته ومقداره وفي سبيل ذلك تكون المرجعية لقانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983م وما تضمن من مبادئ ولقانون المعاملات المدنية لسنة 1984م وللسوابق القضائية .

لقد نص قانون أصول الأحكام القضائية على أنه في حالة عدم وجود نص تشريعي يحكم الواقعة :

(أ)يطبق القاضي ما يجد من حكم شرعي ثابت بنصوص الكتاب والسنة .

(ب) فإن لم يجد القاضي نصاً يجتهد رأيه ويهتدي في سبيل ذلك بالمباديء التالية بحيث يأخذها على وجه التكامل ويراعي ترتيبها في أولوية النظر والترجيح :

أولاً : مراعاة الاجماع وما تقتضيه كليات الشريعة ومبادئها العامة وما تهدي إليه توجيهاتها من تفصيل في المسألة .

ثانياً : القياس على أحكام الشريعة تحقيقاً لعللها أو تمثيلاً لأشباهها أو مضاهاة لمنهجها في نظام الأحكام .

ثالثاً : اعتبار ما يجلب المصالح ويدرأ المفاسد وتقدير ذلك بما يتوخى مقاصد الشريعة وأغراض الحياة الشرعية المتكاملة في ظروف الواقع الحاضر وبما لا تلغيه نصوص الشريعة الفرعية .

رابعاً : استصحاب البراءة في الأحوال والإباحة في الأعمال واليسر في التكليف.

خامساً : الاسترشاد بما جرت عليه سوابق العمل القضائي في السودان فيما لا يتعارض مع الشريعة وما يذهب إليه جمهور فقهاء الشريعة من فتاوي فرعية وما قرروه من قواعد فقهية .

سادساً : مراعاة العرف القائم في المعاملات في ما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو مبادئ العدالة الفطرية .

سابعاً : توخي معاني العدالة التي تقرها الشرائع الانسانية الكريمة وحكم القسط الذي ينقدح في الوجدان السليم .

وعلى ضوء ذلك يمكن للمحكمة في تحديد نوع التعويض وطبيعته ومقداره الاسترشاد بما جرت عليه سوابق العمل القضائي في السودان فيما لا يتعارض مع الشريعة وما يذهب إليه جمهور فقهاء الشريعة من فتاوى فرعية وما قدروه من قواعد فقهية ومراعاة العرف القائم في المعاملات فيما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو مبادئ العدالة الفطرية وترقي معاني العدالة التي تقرها الشرائع الإنسانية الكريمة وحكم القسط الذي ينقدح في الوجدان السليم .

كما يمكن للمحكمة أن تسترشد بالقواعد الأساسية الواردة في قانون المعاملات المدنية وعلى وجه الخصوص :

(أ‌) الضرر يدفع بقدر الإمكان.

(ب)لا ينكر تغيير الأحكام بتغيير الأزمان .

(ج) على اليد ما أخذت حتى تؤديه .

(د) الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل إلا بإذن .

(هـ) يضاف الفعل إلي الفاعل ما لم يكن مجبراً .

على المحكمة أن تتقيد بقواعد أساسية وردت في المادة السادسة وتتلخص في :

1- رد المظالم إلى أهلها ودفع الظلم .

2-إزالة الأضرار الناجمة عن إجراءات استرداد الحقوق والمظالم .

3- الفصل الناجز في جميع المنازعات المتعلقة بالحقوق والمظالم .

إن سوابق العمل القضائي السوداني ومراعاة العرف القائم في المعاملات فيما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ العدالة وتوخي معاني العدالة التي تقرها الشرائع الإنسانية . كل ذلك يحمل المحاكم علي أن تأخذ بالمفهوم السائد للتعويض وأسس استحقاقه ومقداره في القانون العام وفي قوانين البلاد العربية والإسلامية .

1- وعلي ذلك فلصاحب الحق المعتدى عليه رفع دعوى تعويض والمقصود من التعويض أن يعوض المعتدى عليه بالقدر الذي يجعله في نفس الموقف الذي كان فيه لو لم يقع اعتداء على حقه وهذا يقتضي :

(أ) تعويضاً مالياً عن الأضرار المالية التي ترتبت على الاعتداء على حقه والتي يطالب بها في عريضة الدعوى مبيناً تفاصيلها وذلك بحصر العائد المالي الذي ترتب على الاعتداء على تلك الحقوق فحرم منه.

(ب) تعويضاً مالياً عن أي أضرار أخرى لحقت به تقدرها المحكمة حسب الوقائع الثابتة أمامها وقد تشمل هذه أي أضرار تلحق بسمعته نتيجة لتحوير أو تشويه جزء من المصنف .. إن المادة 38 من قانون 1996م قد تضمنت هذه المبادئ العامة حيث نصت (يجوز لمالك حق المؤلف أن يطالب في دعواه بجميع الحقوق المتعلقة بالتعويض المالي ويجوز أن يكون التعويض على فوات الكسب وعلى الاعتداء على سمعة مالك المؤلف ) ولكنها لم تتطرق إلى أنواع أخرى من التعويض تأخذ صورة التعويض هو الردعي أو ( Exemplary damages) وأساس هذا التعويض هو ردع الآخرين عن ارتكاب الخطأ وتعبير عن شجب المحكمة لسلوك المعتدي وفي قضية وليمز ضد ستل (1960م) ( Wlliams V. Settle (1960)2All E.R 806) حكمت محكمة الاستئناف بمبلغ ألف جنيه إسترليني ضد مصور اعتدى على حق المؤلف باستغلال صورة رجل مقتول باعها للصحف وأسست المحكمة حكمها على أن المعتدي استجاب لشهوة الإثارة الصحفية . إن مبدأ التفويض الردعي لم تأخذ به المحاكم السودانية حتى الآن ولعل الحكم بالغرامة في حالة الدعوى الجنائية يؤدي الغرض المقصود من التعويض الردعي .

2- ولصاحب الحق بمقتضى المادة 35(2) أن يطلب إصدار أمر من المحكمة بوقف الاعتداء على حق المؤلف .

3- ولصاحب الحق بمقتضى تلك المادة أن يطلب إصدار أمر من المحكمة بحجز صور أو نسخ أو مستخرجات من المصنف موضوع الاعتداء .

4- كما لصاحب الحق أن يطلب إصدار أي أمر آخر من المحكمة لحماية حقوقه حتى يتم الفصل في الدعوى .

في حالة صدور أي من الأوامر سالفة الذكر ضد أي شخص يجوز له استئنافها أمام المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ صدور ذلك الأمر أو إلغائه أو تعديله نهائياً .

إن هذه الإجراءات التحفظية التي نص عليها القانون تحمي حقوقه في الفترة بين الاعتداء علي الحق والفصل في الدعوى ويستصحب القاضي في إصدارها وتنفيذها الأحكام الواردة في شأن الإجراءات التحفظية في الباب السابع من قانون الإجراءات المدنية عموماً وعلى وجه الخصوص تلك المواد المتعلقة بأوامر الحجز وحصر العائد المالي ما دامت لا تتعارض مع ما نصت عليه المادة 35(2) و(4) .

كما يجوز القانون لمالك حق المؤلف أو وكيله أن يطلب من المحكمة إصدار :

(أ) أمر تفتيش لأي مباني يكون قد استعمل مرتكب جريمة الاعتداء على حق المؤلف وضبط أي نسخ أو صور لأي مواد تتعلق بالاعتداء المدعى به .

(ب) أن تأمر المتهم بجريمة الاعتداء على حق المؤلف بالكشف عن أسماء وعناوين الجهات التي أمدته بالمؤلف وزبائنه والأماكن التي توجد فيها المواد المتعلقة بالاعتداء على ذلك الحق .

ولما لم يبين القانون بالتفصيل طريقة تنفيذ أوامر التفتيش وأوامر الكشف عن الأسماء والعناوين يتم ذلك وفق النصوص الواردة في قوانين الإجراءات المدنية والجنائية والتي لا أرى داعياً للخوض في تفاصيلها

يتم رفع الدعوى المدنية بالتعويض وفق ما نص عليه قانون الإجراءات من حيث تصريح الدعوى وتقديم المذكرات وتحديد نقاط النزاع وكيفية سماع الدعوى والفصل في المسائل القانونية والوقائع والحكم ومشتملاته والحكم بالمصاريف والتعويض وتعيين الخصم الملزم بمصاريف الدعوى .

خاتمة :

1- إن قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م قانون محيط وشامل وهو تطوير جيد لقانون 1974م استوعب كل التغيرات التي حدثت خلال تلك الفترة في تطوير مفهوم حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ووسائل حمايتها وما تمخضت عنه المعاهدات الدولية في هذا الشأن في الجانب الموضوعي والإجرائي بالقدر الذي يتناسب والأوضاع المحلية.

2-إن اعتماد الشريعة كمصدر للتشريع وتعديل القوانين لإزالة التعارض بينها وبين مبادئ الشريعة الإسلامية كان له أثر إيجابي خصوصاً قانون أصول الأحكام القضائية الذي نص على الاسترشاد بما جرت عليه سوابق العمل القضائي في السودان فيما لا يتعارض مع الشريعة وما يذهب إليه جمهور الفقهاء من فتاوى شرعية وما قدروه من قواعد فقهية . كما أن النص في ذلك القانون علي مراعاة العرف القائم في المعاملات فيما لا يخالف أحكام الشريعة أو مبادئ العدالة الفطرية وتوخي مبادئ العدالة التي تقرها الشرائع الإنسانية الكريمة وحكم القسط الذي ينقدح في الوجدان السليم ، كل ذلك مكن المشرع السوداني من الانفتاح على التراث الفقهي من ناحية وعلى الفكر القانوني العالمي والمتغيرات التي تطرأ عليه وأكسبه القدرة على الاستجابة لتلك المتغيرات مما دعاه إلى تطوير وتعديل كثير من التشريعات لا سيما في مجال الملكية الفكرية وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة على وجه الخصوص .

3- وفي إطار الاستجابة للمتغيرات العالمية والمحلية في مجال حماية حقوق المؤلف طرأ تعديل ملحوظ على النصوص الخاصة بتسجيل المصنفات وأهمها تطبيق الحماية المقررة بموجب قانون 1996م دون التقيد بأي شكليات مقررة للحماية في الوقت الذي قصر قانون 1974م حماية حق المؤلف على المصنفات المسجلة وفقاً لأحكام ذلك القانون . كما توسع في مفهوم نطاق الحماية فطبقها على المصنفات التي نتجت عن التطور التقني في مجال الحاسب الآلي والاتصالات وغيرها .

4- استطاع المشرع السوداني أن يوائم بين القانون الخاص بحماية حق المؤلف والقانون العام بنصوص واضحة في قانون الإجراءات المدنية مما يجعل التقاضي أمراً ميسوراً ويحول دون تنازع الاختصاص وتطبيقه على دعوى التعويض عن الاعتداء على حق المؤلف .

الأحكام المتعلقة والأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى وفق ما نص عليه المادة 35(1)و(2)و(4) وأحكام قانون الإجراءات المدنية فيما عدا ذلك ، كما ينطبق عليها الأحكام الخاصة بالاستئناف وبالطعن ومراجعة الأحكام وتصحيحها والأحكام الخاصة بالتنفيذ كما هو مفصل في قانون الإجراءات المدنية ما دام لا يتعارض مع نصوص القانون الخاص .

5- إلا أن هذا التطور المقدر في التشريع لم يواكبه تطور في الممارسة مما يمكن من تفسير نصوص القانون ووضع السوابق القضائية ومعايير ومقادير التعويض وطرائق احتسابها ويظهر أي مواطن قصور لا تتضح إلا عن الممارسة الفعلية في تطبيق القانون ومع الوعي المتزايد بالحقوق واللجوء للمحاكم لحمايتها وانتشار وسائل الإعلام المسموعة والمرئية عبر القارات المختلفة فيتسع مجال الممارسة وستجد المحاكم الفرصة لتطبيق القانون ومما يدعو للتفاؤل أن القضاء السوداني قد عالج قضايا الملكية الفكرية منذ صدور قانون المعاملات التجارية في عام 1931م وإلغائه بصدور قانون المعاملات التجارية لسنة 1969م ، كما أن ما توفر للقضاء السوداني من معرفة وثيقة بالقانون العام واستيعاب جيد لمبادئ الشريعة الإسلامية ومذاهبها الفقهية يتيح له تراثاً قانونياً فريداً يمكنه من تطبيق القانون بمرونته ووعي مما يحقق مقاصد القانون.
BAHRAIN LAW
مدير الموقع
مدير الموقع
 
مشاركات: 758
اشترك في: الأربعاء سبتمبر 17, 2008 5:36 pm
الجنس: ذكر

العودة إلى مجلة الاحكام القضائية السودانية

 


  • { RELATED_TOPICS }
    ردود
    مشاهدات
    آخر مشاركة

الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 23 زائر/زوار