مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين

مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين

مشاركة غير مقروءةبواسطة BAHRAIN LAW » الاثنين سبتمبر 22, 2008 10:04 am

"د. علي إبراهيــم الإمــام"

قاضي المحكمة العليا ورئيس محكمة الاستئناف ورئيس الجهاز القضائي للعاصمة القومية

· بكالريوس في القانون (مرتبة الشرف).

· ماجستير في القانون المقارن.

· ماجستير في القوانين (مرتبة الشرف العليا).

· دكتوراه في القانون.

تمهيد ومقدمــة

يعتبر حصول الدولة للقانون وللقضاء في كل أوجه نشاطها التشريعي ونشاطها الإداري ركيزة أساسية من ركائز الدولة القانونية وضمانة حقيقية ولازمة لحقوق الأفراد، ويعرف هذا النوع من الخضوع بالرقابة القضائية وهي بالمقارنة للرقابة البرلمانية وللرقابة الإدارية أكثر حيدة وفعالية وضمانة ذلك لأن الرقابة البرلمانية في واقع الأمر لا تعدو أن تكون رقابة سياسية تخضع لأهواء ولمشيئة الأغلبية على أحسن الفروض كما أن الرقابة الإدارية ينطبق عليها قول الشاعر: فيك الخصام وأن الخصم والحكم. وقد تبنت كثير من الدساتير الحديثة والقوانين المعاصرة مبدأ الرقابة القضائية بشقيها وتستوي في ذلك الأنظمة الديمقراطية والشمولية دون تمييز مع اختلاف في التطبيق. كما سكنت بعض الدساتير عن هذا المبدأ في حين قصرت بعض الدول الأخرى مبدأ الرقابة على نشاط الدول الإداري. وقد نهج المشرع في السودان منذ بزوغ فجر الاستقلال النهج الأول إذ جعل الرقابة القضائية على كل ما يصدر من تشريع وما يقع من أعمال إدارية وأناط المحكمة العليا بالشق الأول وتأرجح في ترك اختصاص نظر الطعون الإدارية للمحكمة العليا وما دونها من المحاكم.

والذي يعنينا في هذا البحث هو الشق الأول الذي اختصت به المحكمة العليا دون سواها من المحاكم وهو المتعلق بالرقابة على دستورية التشريعات أي ابطال كل ما يصدر من قوانين تخالف نصوص الدستور أو تتصادم مع الأحكام التي وضعها أو لا تتماشى مع أهدافه واتجاهاته. وسأتناول هذه الموضوع من ثلاثة أبعاد متلازمة متداخلة لا تنفصم عن بعضها البعض وهي بعد تاريخي وبعد مقارن وبعد تطبيقي إذ يسلتزم تأصيل وتوضيح مبدأ الرقابة على دستورية القوانين دراسة كاشفة لكل خباياه ومواطن ضعفه وقوته ومزاياه وعيوبه ولن يتحقق هذا دون فذلكة تاريخية واستعراض لنشأة النظرية في موطنها حيث كانت ولا تزال تشكل مبدأ دستورياً هاما لعبع المحكمة العليا الأمريكية من خلاله دورا رائدا وبارزا في بلورة وتطور الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالرغم من كل الخلاف الذي استعر حول المبدأ وتطبيقاته عبر ما يقارب القرنين.

وسنقسم البحث إلى أربعة فصول قصيرة نستهلها بتأصيل للمبدأ واستعراض لنشأته كما نستعرض في الفصل الثاني أراء المؤيدين والمعارضين للرقابة القضائية على دستورية القوانين. وفي الفصل الثالث نبحث ونتقصى تاريخ المبدأ في السودان بينما ننأش في الفصل الرابع نماذج من السوابق القضائية التي طبقت فيها المحكمة العليا مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين لنبرز ونوضح كيف كان التطبيق؟

لفصل الأول

نشأة المبدأ وتطبيقاته في موطنه

بالرغم من أن الدستور الأمريكي لم ينص صراحة على مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين إلا أن هذا الأمر كان مفهوماً ومتوقعاً ومقبولاً لدى واضعي هذا الدستور كما أفصح عن ذلك أحدهم [1] فقد جاءت بذرته الأولى معه مولد الدستور الذي نهل مشرعوه وواضعوه من أفكار وكتابات جون لوك (John Locke) ومنتسكيو (Montesauieu) وقد كانت بداية تطبيق المبدأ أمام محاكم بعض الولايات الأمريكية كولاية فرجينا (Virginia) حيث تحدث عنه رئيس قضائها سبنسر رون (Spencer Roane) عندما تعرض لسلطة كامير ضد هوكنز (Kemper V. Hawkins) عندما تعرض لسلطة محاكم الولاية في إبطال التشريعات التي تتعارض مع دستورية الولاية[2] ومع أن المبدأ عرفته في البداية وأخذت به بعض الولايات الأمريكية قبل أن تأخذ به المحكمة العليا الفدرالية إلا أن من يؤرخون له يربطون بينه وبين أول حكم للمحكمة العليا قررت فيه تطبيقه وكان ذلك في حكمها الشهير في القضية الرائدة ماربري ضد ماديسون (Marbury V. Madison) في عام 1803م. وقد ارتبط المبدأ باسم رئيس القضاء جون مارشال الذي يرجع إليه الفضل في إظهاره في حكمه في هذه القضية واعتبره البعض منشئا للمبدأ ومرسيا له. فقد قال مارشال في حكمه في هذه القضية أنه من واجب الهيئة القضائية أن تفسر القانون وتطبقه، وعندما يتعارض نص تشريعي أو قانون مع الدستور فإن السمو والبقاء يكون للدستور[3].

وبعد حكم المحكمة العليا بقيادة رئيس القضاء جون مارشال في قضية ماريري وماديسون تتابعت وتلاحقت أحكام المحكمة المتعلقة بالرقابة القضائية وقد أسرفت المحكمة العليا الأمريكية إسرافا شديدا في تطبيق المبدأ وأبطلت وألغت عدد لا يستهان به من القوانين تأسيساً على عدم دستوريتها[4] مما أثار حفيظة عدد من المحاكم ورجال السياسة. وقد شجبت بعض الفقهاء وشراح القانون الدستوري هذا الاتجاه خاصة عندما خرجت المحكمة على النهج الدستوري (The pure interpretive role) خروجا واضحاً وجنحت جنوحا شديداً نحو إملاء وتطبيق فلسفتها ووجهة نظر أغلبيتها فيما طرح أمامها من أمور اجتماعية ومسائل اقتصادية ومشاكل سياسية. وكانت بداJournal, Volume L S IV No4 (Fall 1984).

[1] قال رئيس القضاء جون مارشال في فضية ماريري وماديسن:

“It is… the province and duty of judicial department, to say what the law is. Those who apply the rule to particular cases must of necessity expound and interpret that rule. If tow laws conflicts with each other, the court mية الهجوم العنيف الذي تعرضت له المحكمة العليا بسبب تطبيقها لمبدأ الرقابة القضائية في قضية مارير وماديسون نفسها وقد صدر من رئيس الجمهورية الأمريكية آنذاك جيفرسون (Thomas Jefferson) الذي وصف الحكم بأنه مجرد رأي عابر من رئيس القضاء ما وصف المحكمة في تاريخ لاحق بعدم المسئولية وشبهها باللص المختلس[5].

وعلق الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون (Andrew Jackson) غاضبا ومتحديا عندما سمع بحكم المحكمة في قضية ورسستر ضد جورجيا (Worester (V. Georgia) قائلاً "لقد أصدر جون مارشال حكمه – وعلينا أن ننفذه"[6] كما انتقد الرئيس ابراهام لنكولن حكمها في قضية دريد سكوت Dred Scott الشهيرة. وانتقدها في عام 1956 أحد قضاتها السابقين الحاكم جيمز بايرنس James F. Byrnes وطالب بكبح جماحها. هذا وقد جرت عدة محاولات باءت بالفشل الذريع. ولعل أهم هذه المحاولات محاولتين قام بالأولى عضو مجلس الشيوخ لافوليت la Follette وقام بالثانية والتي كانت أكثر خطورة وأشد حدة رئيس الجمهورية فرانكلين روزفلت في عام 1927م حيث سعى لزيادة عدد أعضاء المحكمة بما يضمن له الإغلبية بداخلها وكان ذلك بغرض تقييد سلطاتها وكبح جماحها ووضع حد لرفضها وابطالها لقوانين الإصلاح الاجتماعي والتدخل الاقتصادي New Deal Economic Measures التي تقدم بها. وبالرغم من شعبية روزفلت الكبيرة فقد باءت مساعيه بالفشل إذ وقفت الأغلبية الساحقة من قضاة المحكمة العليا ضده. ولكن محاولته تلك وفوزه في انتخابات الرئاسة في عام 1936م جعلت المحكمة العليا تغير نظرتها ورأيها في قوانين وإجراءات الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والتي تشمل التدخل في قوانين العمل وعلاقاته وعدد ساعاته والمرتب وضريبة الدخل والاحتكارات وغيرها من المسائل ذات الصلة بها ومن هنا انطلق المثل التهكمي الساخر القائل بالتحويلة التي أنقذت رؤوس التسعة[7] والحديث عن قوانين الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي يقودنا لأول قضية هامة أبطلت فيها المحكمة أحد هذه القوانين ولم تلتزم بالنهج التفسيري في معالجتها للأمر وكان ذلك في قضية لوكنير ضد نيويورك Lockner V. New York) 1905).

حيث ألغت التشريع الذي يحدد ساعات العمل في المخابر بستين ساعة في الأسبوع أو عشر ساعات في اليوم على أساس أن هذا التحديد غير مقبول وغير ضروري وتدخل تعسفي في حرية التعاقد وحرية المخدم والشخص المستخدم وقد طبقت المحكمة هذا المعيار في العديد من القضايا كما طبقت عدد من المعايير التي لا تمت بصلة في بعض الأحوال للمناهج التفسيري كقولها أن هذا القانون جائر أو تحكمي أو هوائي أو صعب الاحتمال أو ظالم أوليس له تعليل أو غير منطقي أو أنه يؤذي العدالة وكل هذه المعايير والصيغ المبهمة تطلق يد المحكمة للحد البعيد وقد أطلقتها بالفعل ومكنتها من إنشاء حقوق دستورية جديدة كالخصوصية[8] وإعادة النظر في قوانين التفرقة العنصرية في مجالات التعليم[9] والمواصلات والعمل[10].



الفصل الثاني

الرقابة على دستورية القوانين بين مؤيديها ومعارضيها

لقد بدت فكرة الرقابة القضائية في نشأتها غريبة وغير مرغوب فيها في إنجلترا بل ومتعارضة مع المبدأ الدستوري الذي يقضى بسيادة البرلمان[11] فقد قال فلاسفة الفقه واتجاهاتها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية وقيمها الاجتماعية، وتقوم الهيئة التشريعية بعملها في جو من النقاش الحر المفتوح الذي يفسح فيه المجال لأراء الأفراد والمجموعات ويستمع نية لتقدم كما وأنها تمثل القطاع العريض للمجتمع بمختلف ملله وطوائفه ومهنه، كما أن لقضاة بطبيعة تكوينهم وخبراتهم وحيدته غير مؤهلين لهذا العمل الذي تغلب عليه صفة السياسة أكث من النزاع القضائي ولذا يلزم الاحتكام فيه لجهات سياسية وليس قضائية. فالقضاة يصلحون لحسم النزاعات التي تحتاج لحيدة وتجرد وتحقيق دقيق وليس من ضمن هذا المسائل الصراعات ذات الطبيعة السياسية أو التي تتعلق ببلورة القيم الاجتماعية والإنسانية ولا يحتاج حسمها لقواعد قانونية مجردة، مثل هذه المواضيع تحتاج المحكمة السياسية وللأفق والخيال السياسي الواسع الرن وليس لخبرة القضاة المشبعة بالحذر والمشوبة بالخجل والحياء. وأهم من كل هذا فإن مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين يتعارض مع حكم الأغلبية ومع مبادئ الديمقراطية إذا تلغى مجموعة صغيرة من المهنيين غير المنتخبين والذين لا يتمتعون بالصفة الشعبية سياسات وتوجهات الهيئة التنفيذية والهيئة التشريعية المنتخبة؛ كما أن مبدأ فصل السلطات يستوجب حصر عمل القاضي في تطبيق القانون وليس الحكم عليه، وحينما تحكم المحكمة بعدم دستورية القانون وتقضي بابطاله تكون قد تدخلت في اختصاص الهيئة التشريعية ملغية بذلك مبدأ فصل السلطات.

هذه هي الحجج التي تساق في بلاد الديمقراطيات التي لم تأخذ بفكرة الرقابة على دستورية التشريعات. أما من يساندون الفكرة فإنهم يدحضون القول القائل بأن الفصل فيما يثور بين أفراد المجتمع على اختلاف مشاربهم لا يحتاج للمحكمة القضائية غير المنحازة بأنه قول غير سديد لأن أفضل من يفضل في أي نزاع بين أي خصمين هو القضاء وهو الذي يمكن أن يعطي كل ذي حق حقه، والقول بأن القضاة يعالجون الأمور بحذر مشوب بالحياء قو غير سليم بدليل أنه المحكمة العليا الأمريكية كانت في حالات كثيرة متقدمة على الشارع السياسي في معالجتها للمشاكل الاجتماعية والسياسية كقضايا التفرقة العنصرية والمساواة أمام القانون وحماية الحريات كحرية الفكر الرأي والعقيدة وقضايا التمايز الذي بريادتها وسبقها لمناقشة هذه المشاكل وإيجاد الحلول لها بإلغاء التشريعات التي كانت تقف حجر عثرة في وجه الإصلاح وكانت آراء القضاة وأحكامهم بمثابة الندوة القومية.

وأحكام المحاكم تأتي عادة تأنى وتمحيص بعد الاستماع لرأي الناس – كل الناس وهي بذلك تشكل صوت العقل والخط الثاني أي الرأي الثاني الحكيم والذي يستلهم حكمته من الآراء التي يطرحها كل من أدلى بدلوه. كما أن المحكمة العليا عندما تقرر صواب التشريع وسلامته وتجيزه تكون بذلك قد حصنته من كل قول أو هجوم عليه وأضفتن عليه صفة الشرعية وبمباركتها له تقبله الأقلية التي كانت تنازع في صحته وهذا الأسلوب أكثر إقناعا للأقلية من أسلوب الحسم السياسي الذي لا يستند على شئ سوى عدد الأصوات والذي قد لا يكون أساسا صالحاً وسليما في معالجة مسائل كثيرة لعدم تجرده من الميل والهوى.

وفوق هذا وأهم من كل هذا فإن إرساء مبدأ الرقابة القضائية يعني إرساء مبدأ الدستورية يل أسمى معانيه وهو مبدأ يمكن أن تأخذ به كل الحكومات بمختلف أشكالها بغض النظر عن نوع الحكم فيها طالما كان لديها دستور واختارت حكم المؤسسات وفي ذلك صيانة لحقوق الأفراد وتأكيد لمبدأ فصل السلطات وضمان طغيان وتعسف السلطة التنفيذية إذ يدون إرساء مبدأ الرقابة القضائية يسهل على السلطتين التنفيذية والتشريعية التغول على الحريات العامة وسحق الأقلية باسم حق الأغلبية وسيادة الهيئة التشريعية.



الفصل الثالث

متى وكيف عرف السودان مبدأ الرقابة على دستورية القوانين؟

كما قلنا آنفاً يستمد مبدأ الرقابة القضائية وجوده من قيام الدولة القانونية ودولة المؤسسات التي توزع فيها السلطات بين ثلاث جهات هي السلطات التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وقد عرفت الدول الأوربية وأمريكا مبدأ فصل السلطات منذ أواخر القرن الثامن عشر كما عرفت أمريكا مبدأ سمو الدستور وابطال القوانين التي تتعارض معه منذ أن وضحه وأكده سمو الدستنر وابطال القوانين التي تتعارض معه منذ أن وضحه وأكده رئيس قضائها جون مارشال في عام 1803م وكان لحكمه في قضية ماريري وماديسون الفضل في ذيوع المبدأ وانتشاره في بعض الأمم الأخرى في فترات مختلفة فكيف وصل إلينا؟ رغم أن نشأة المبدأ واكبت بداية فترة الحكم التركي المصري السابق للسودان إلا أنه لم يجد طريقه للبلاد في ظل فترة ذلك الحكم الذي اتصف بالطغيان والاستبداد والظلم وعسف وقسوة الولاة مما جعل الناس يجأرون بالشكوى منهم لدى الباب العالي في القاهرة حتى شاع المثل القائل "عشرة في طلبة ولا ريال في تربه"[12] وفي ظل هذه الظروف لا مجال للحديث عن مبدأ فصل السلطات أو مبدأ الرقابة القضائية.

من المعلوم أن أساليب البطش والعسف وابتزاز الناس والتغول على حقوقهم كانت سببا أساسيا في إشعال جذوة الثورة المهدية التي بدأت في عام 1881م داعية إلى الاحتكام للشرع الإسلامي وتحكيم كتاب الله وسنن رسوله منادية بقيام دولة إسلامية حدد معالمها قائد الثورة الإمام المهدي ومن بعده خليفته عبد الله التعايشي في منشوراتهما التي تمثل بلغة اليوم التشريعات والقوانين.

وقد كان المهدي ومن بعده الخليفة عبد الله طوال فترة حكمهما الذي امتد حتى عام 1898م يتوليان السلطتين التنفيذية والتشريعية والمتأمل في منشوراتهما يجدها دائما تستشهد بالآيات القرآنية وتذكر الناس بتعاليم الإسلام ويتضح من هذا أن كاتبيها ومشرعيها أرادا أن يسنداها للثوابت من المصادر الإسلامية التي لا يجوز الطعن فيها أو في صحتها والتي تنحصر في القرآن والسنة والإجماع أي إجماع الصحابة والمجتهدين لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تجتمع أمتي على خطأ) وقوله "لم يكن الله ليجمع أمتي على الضلالة" ومن المؤكد أن القاضي في الدولة الإسلامية ملزم في أحكامه بنصوص الشريعة القطعية وبروح الإسلام عندما لا يلجأ للقياس أو الاستحسان أو العرف كمصدر يلي القرآن والسنة والاجتهاد، وفي منهجه الفقهي يقتدي القاضي بالأثر وبالسوابق والقواعد التي وضعها فقهاء المسلمين مع الاستفادة من الفقه المقارن الذي لا يتعارض مع مبادئ الشريعة. وفي هذا المعنى جاء في كتب الحديث أن النبي (ص) عندما عين معاذ بن جبل قاضياً على اليمن سأله: بم تقضي يا معاذ؟ قال: بكتاب الله قال الرسول (ص): فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي. فقال الرسول (ص) الحمد لله الذي وفق رسول الله إلى ما يرضي الله. وقال تعالى في محكم تنزيله في سورة المائدة: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق) وقال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الظالمون).

وبما أن المهدي والخليفة عبد الله التعايشي من بعده كانا دائما يسندان منشوراتهما ونشاطهما التشريعي للمصدر التشريعي الأول، إلا وهو القرآن أو المصدر التشريعي الثاني وهو السنة دون سواهما من المصادر لم يكن هناك ثمة مجال للدعوة للأخذ بمبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين في فترة حكم المهدية وقد أكد ذلك وأمن عليه المهدي في منشوره الذي كتبه عن مقام الخليفة عبد الله ووظيفته في 17 ربيع أول سنة 1300هجرية الموافق 27 يناير سنة 1883م، ويحسن بنا نورد بعض الفقرات من هذا المنشور[13] "يا أحبابي إن الخليفة عبد الله مني وأنا منه وقد أشار إليه سيد الوجود صلى الله عليه وسلم فتأدبوا معه كتأدبكم معي وسلموا له ظاهراً وباطنا كتسليمكم لي وصدقوه ي قوله ولا تتهموه في فعله. فجميع ما يفعله بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم أو بإذن من لا بمجرد اجتهاد منه ولا هو عن هوى بل هو نايب عنكم في تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم والقضاء بإشارته. فإن فعله بكم وحكمه فيكم يحسب ذلك. واعلموا يقيناً أن قضاءه فيكم هو قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسولهن أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصى الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) فمن كان في صدره حرج لأجل حكمة فذلك لعدم إيمانه وخروجه من الدين بسبب غفلته... ولا شك في شرك من استنكف عن حكم الله ورسوله سيما بقوله صلى الله عليه وسلم "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي" .... فهو مسدد مؤيد من الله ورسوله ويد من أيادي الله لنصرة دينه بإشارة سيد الوجود صلى الله عليه وسلم ....واعلموا أن جميع أفعاله وأحكامه محمولة على الصوات لأنه أوتي الحكمة وفصل الخطاب ولو كان حكمه على قتل نفس منكم أو سلب أموالكم. فلا تتعرضوا عليه فقد حكمه عليكم بذلك ليطهركم ويزكيكم من خبائث الدنيا... ومن تكلم في حقه... فقد خسر الدنيا والآخرة لك هو الخسران المبين ويخش عليه من الموت على سوء الخاتمة.... وهو المذكور خليفتنا في الدين وخلافته بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم. فمن كان منكم مؤمناً بالله واليوم الآخر ومصدقا بمهديتي فليسلم للخليفة عبد الله ظاهراً وباطناً. وإذا رأيتم منه أمراً مخالفا في الظاهر فاحملوه على التفويض بعلم اله والتأويل الحسن.

يفهم من هذا المنشور وبعض المنشورات الأخرى أن النشاط التشريعي والنشاط الإداري كان محصنا تحصيناً شديداً إبان فترة حكم المهدية ولم يكن من سبيل للطعن فيه أمام القضاة، ويمكن أن يساق كمثال لذلك ما حدث لقاضي الإسلام الشيخ الحسين إبراهيم الزهراء حينما اعترض على فرض ضريبة لتغطية نفقات الجند الملازمين للخليفة[14]. لم تعرف تلك الحقيقة من تاريخ السودان ولم تشهد تطبيق مبدأ الرقابة القضائية إذ كان هم السلطة وهدف الخليفة عبد الله الأول هو تركيز وتثبيت دعائم الحكم وفرض سلطات الدولة الجديدة وإظهار قوة شكيمته وسط مجتمع قبلي غارق ي القبلية والعنصرية ومليء بالزعامات الصوفية التي لاتحص ولا تعد.

وبحلول المستعمر مرة ثانية وقيام الحكم الثنائي في عام 1898م بدأت حقبة تاريخية جديدة في السودان كرس الحاكم فيها جل وقته في بسط سلطاته وتركيزه نفوذه وكان استتباب الأمن هدفاً أساسيا واستراتيجيا من أهدافه ولم يكن من الممكن أو من المتوقع في ظل فترة الحكم الاستعماري أن يجد مبدأ الرقابة القضائية طريقة للسودان لعدم وجود أي من أسبابه أدواته من دستور وفصل للسلطات وقيام محكمة دستورية مستقلة. فالنص الذي يستمد منه الحاكم العام سلطاته في الشريع هو البند الرابع من اتفاقية إدارة السودان لسنة 1899م والنص الذي يستمد منه سلطته التنيفيذية والإدارية هو البند الثالث من نفس الاتفاقية وهذه الاتفاقية ليست نصا دستورياً كما إن إدارة القضاء كانت وقتئذ جزء لا يتجزأ من السلطة التنفيذية تتبع لها تبعية كاملة وكان كل قضاتها من الأجانب من الإنجليز وحتى الوطنيين في القسم المدني سواء تدربوا في السودان أو إنجلترا لابد أن يكونوا قد تأثروا بالثقافة القانونية الإنجليزية التي تشربوا بها إذ لم يبدأي منهم ميلا واضحا نحو مبدأ الرقابة على دستورية القوانين وهو مبدأ لم تعرفه التقاليد والأعراف الدستورية الإنجليزية غير المكتوبة أو التي تنطلق من مبدأ السيادة البرلمانية. أو وثيقة دستورية عرف من خلالها السودان مبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء وصيانة الحقوق والحريات العامة ومبدأ الرقابة القضائية كان قانون الحكم الذاتي الصادر في 21/3/1953م (The Self Government Statute) والذي تضمن الباب الثاني منه ست مواد كانت من ضمنها المادة التاسعة التي قررت مبدأ استقلال القضاء والمادة العاشرة التي كفلت حق الطعن الدستوري أمام المحكمة العليا (The High Court) والمادة الثامنة التي أكدت مبدأ سيادة حكم القانون.

وعند فجر الاستقلال في أول يناير عام 1956م صدر دستور السودان المؤقت الذي أكدت مادته الثالثة الأخذ بمبدأ السمو الدستوري حيث نصت:-

"تسود أحكام هذا الدستور على جميع القوانين القائمة والمستقبلة، ويلغى من أحكام هذه القوانين ما يتعارض مع أحكام هذا الدستور بالقدر الذي يزيل ذلك التعارض". أيضاً نصت المادة (92) من الدستور المؤقت على استقلال القضاء كما جعلته المادة (102) حارسا للدستور ونص هذه المادة كما يلي:-

1- الهيئة القضائية هي حارسة الدستور ولها اختصاص النظر والحكم في أية مسألة تشمل تفسيره أو تطبيق الحقوق والحريات الممنوحة بموجب الفصل الثاني.

2- تختص المحكمة المدنية العليا بتفسير الدستور.

وفي 17 نوفمبر 1958م وقع انقلاب عسكري ألغى الدستور وظل يحكم السودان مدة ست سنوات بأوامر دستورية، وفي عام 1964م أطاحت ثورة أكتوبر الشعبية بالحكم العسكري وأعادت العمل بالدستور المؤقت بع أن أجرت عليه بعض التعديلات وأسمته دستور السودان المؤقت المعدل لسنة 1964م ولم تتأثر المواد المتعلقة باستقلال القضاء وحراسته للدستور وتقرير مبدأ الرقابة القضائية إلا في ترقيمها إذ ظلت المادة الثالثة كما هي وأصبحت المادة (92) المادة (89) والمادة (102) المادة (99) ونقلت نقلا حرفيا من النصوص السابقة.

ظل العمل بهذا الدستور حتى 25 مايو 1969م حيث وقع انقلاب عسكري للمرة الثانية أطاح بالدستور ومؤسساته وظل يحكم البلاد بأوامر أسماها أوامر جمهورية حتى الثامن من مايو عام 1973م حينما صدر الدستور الدائم لجمهورية السودان الديمقراطية متضمناً لكل النصوص الخاصة باستقلال القضاء وحراسته للدستور وحمايته للحقوق والحريات الواردة في نفس الدستور وقد أفرد الباب الثامن منه للهيئة القضائية ونص في المادة (185) على أن تكون ولاية القضاء لهيئة مستقلة تسمى الهيئة القضائية ونص في المادة 187 على أن القضاة مستقلون في أداء واجباتهم ولا سلطان عليهم إلا حكم القانون ونصت المادة (190) منه على ما يلي:-

أن تكون المحكمة العليا حارسة الدستور وتختص بنظر المسائل التالية وإصدار الأحكام والقرارات فيها وفقاً للدستور والقانون:

أ – تفسر الدستور والنصوص القانونية الأخرى.

ب- حماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور.

ج- الطعن في دستورية القوانين.

د – تنازع الاختصاص القضائي.

هـ- الطعن بالنقض في جميع المواد القانونية على النحو الذي يحدده القانون.

و – أي مسائل أخرى يقرر الدستور أو القانون اختصاصها بها.

ومع أن هذه النصوص في غاية الدقة والوضوح إلا أن المادة الرابعة من نفس الدستور قللت من فعاليتها لحد ما، ذلك لأن هذه المادة نصت على وجدانية التنظيم السياسي وأعطته سلطة قيادة العمل الوطني. فقد نصت هذه المادة جزئياً على أن "الاتحاد الاشتراكي السوداني هو التنظيم السياسي الوحيد في جمهورية السودان الديمقراطية" وأنه "يمثل سلطة تحالف قوى الشعب العاملة في قيادة العمل الوطني" . فهل يا ترى كان منظوراً أن تلغى أو تبطل المحكمة العليا نص تشريعي دفع به للهيئة التشريعية قائد "قيادة العمل الوطني"تحقيقاً لما يرى أن هدف وطني أو عمل قومي أو إصلاح اجتماعي أو اقتصادي؟ أن نص المادة (4) في حقيقة الأمر تجسيد وتكريس للنظام الشمولي وهو نظام يمكن أن يتعايش مع مبدأ الرقابة القضائية ولكن بدرجات متفاوتة تعتمد على النصوص الدستورية والاحتكام إليها حقيقة وفعلا والامتثال لمبدأ الدستورية (Constitutionalism) .

هذا بالإضافة إلى أن فرض تطبيق مبدأ الرقابة القضائية في الأنظمة الديمقراطية أوفر من الأنظمة الشمولية وحظه في ظل النظام الديمقراطي أكبر لوجود الرأي والرأي المضاد، والشواهد على ذلك كثيرة أكثرها وضوحاً ورسوخاً فشل محاولة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت – مع ما لديه من رصيد شعبي ضخم في تعديل نظام المحكمة العليا الفدرالية عندما تطرفت وأسرفت في إلغاء تشريعات البرنامج الإصلاحي الذي كان مطروحاً في ذلك الوقت.

ظل العمل بدستور 1973م لحين سقوط النظام الشمولي بانتفاضة الشعب في رجب أبريل 1985م واستعادة الحكم الديمقراطي مرة أخرى حيث صدر الدستور الانتقالي لسنة 1985م والذي أجازته الجمعية التأسيسية في أول جلسة لها في السادس والعشرين من أبريل 1986م. وقد أكد هذا الدستور على مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات وسيادة حكم القانون كما جعل المحكمة العليا حامياً وحارساً ومفسراً للدستور.[15]

هكذا جاءت النصوص الدستورية صريحة وواضحة ومعبرة منذ صدور وثيقة الحكم الذاتي التي سبقت إعلان الاستقلال ورحيل المستعمر بثلاث سنوات فكيف طبقت المحكمة العليا هذه النصوص حماية للحقوق وصيانة للحريات الأساسية؟ هل أخذت المحكمة بالمعيار التفسيري أم خرجت على ذلك المعيار أم أبطأت في التطبيق؟ الإجابة على هذا السؤال تقتضي استعراض قليل من السوابق القضائية في محاولة لشرحها وسبر غورها.



الفصــل الرابــع

التحقيق القضائي لمبدأ الرقابة على دستورية القوانين في السودان

الحالة الوحيدة التي خرجت فيها المحكمة على النهج التفسيري في تقديري كانت في قضية جوزيف قرنق وآخرين ضد مجلس السيادة وآخرين[16] حيث قررت المحكمة إبطال تعديل دستور أجرى على المادة الخامسة من الدستور وهي المادة المتعلقة بحرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية التعبير والتجمع. في هذه القضية أجرى التعديل الدستوري بأغلبية مائة واثنين وأربعين نائباً من مجموع نواب الجمعية المنتخبين بحجة أن الجمعية التأسيسية لم تكتمل عضويتها البالغة مائتين وثمانية عشر مقعداً بعد وبمقولة أن هذا التعديل يعتبر تعديا على حق أساسي كفله الدستور كما أن الجمعية التأسيسية ليس مختصة بتعديل دستور السودان المؤقت المعدل لسنة 1964م وطالما لم يرد نص في ذلك الدستور يوضح كيفية تعديله فقد كانت نية مشرعيه المحافظة عليه والإبقاء عليه بصورته تلك لحين إجازة الدستور الدائم. أي أن ذلك الدستور جامد جموداً مطلقا ويؤخذ على الحكم ما يلي:-

أولاً: أن ما تم هو تعديل للدستور وليس تعديلاً لقانون وقد تم بأغلبية تفوق ثلثي نواب الجمعية المنتخبين. والقول بأن هناك مقاعد شاغرة لم ينتخب نوابها بعد مردود عليه بأن أعمال الهيئة التشريعية لا تتوقف انتظاراً لملء المقاعد الشاغرة وإلا تعطلت أعمال الجمعية انتظاراً لهم وقد يطول الانتظار. وفي أمريكا أجازت وثيقة الدستور الكونفدرالي سنة 1779م الولايات التي شاركت في المؤتمر ثم لحقت بركبها باقي الولايات التي شاركت في إجازة الدستور الفدرالي فيما يعد والتعديلات الدستورية الملحقة به. والآن هاهي الجمعية التأسيسية الحالية لم يكتمل عقدها بعد إذ لا يزال هناك واحد وأربعون مقعداً شاغراً من مجموع ثلاثمائة وواحد دائرة انتخابية وبالرغم من ذلك أجيزت بعض التعديلات الدستورية في 2/4/1987م ولم تثأر مسألة عدم اكتمال عضوية الجمعية كحجة ضد هذه التعديلات، إذن المسألة ليست مسألة نقصان أو اكتمال عضوية الهيئة التشريعية.

ثانياً: لم نسمع في عالمنا المعاصر بدستور علماني جامد جموداً مطلقا ذلك لأن الدستور كالقانون يلبي احتياجات الناس في المرحلة التي يعيش فيها ويتكيف بظروفهم وأحوالهم والقول بأن صمت الدستور عن كيفية تعديله يكفي لخلق هذه الحالة يسمو بهذا الدستور سموا يجعله فوق إرادة الأمة وهو أمر غير عملي وغير مرغوب فيه إذ يصبح البديل الوحيد هو استعمال القوة والعنف.

ثالثاً: إن الحق الدستوري الأساسي المكفول في الدستور قد عدل بنص دستوري وليس في ذلك الدستور أو أي من دساتير السودان المتعاقبة نصوص متميزة على باقي النصوص الدستورية الأخرى ومحصنة ضد التعديل.

لم تلتزم المحكمة في هذه القضية بالمنهاج التفسيري فأثارت دائرة الحكومة والهيئة التشريعية ضدها حتى وصفها البعض بأنها حكومة داخل حكومة، ووصف حكمها بأنها مجرد حكم تقريري غير ملزم.

ولكن وباستثناءاتكم في هذه القضية فإن المحكمة العليا السودانية لم تخرج عن النهج التفسيري كما تفعل المحكمة العليا الأمريكية، وعلى النقيض من ذلك فقد أخذ على المحكمة العليا في السودان أنها وبالرغم من وجود النصوص الدستورية الصريحة التي تقرر مبدأ الدستورية عدم ميلها لإلغاء أي نص تشريعي مشكوك في سلامته وتوأمه مع نصوص الدستور ما لم تعدم الحيلة في إجازته وفي عدم إلغائه. فلما تجيب المحكمة طلب بإلغاء نص تشريعي وهي بذلك تمثل النقيض للمحكمة العليا الأمريكية التي أسرفت وبالغت في إبطال النصوص التشريعية والشواهد على إحجام المحكمة العليا السودانية كثيرة نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر قضية لجنة مباني الخرطوم ضد افانجيلوس أفا نجيليدي[17] حيث رفضت المحكمة أن تفصح وتلغي اللائحة التي أدعى المستأجر المدعي تعارضها مع المادة السادسة من دستور السودان المؤقت[18] إذ تخاطب اللائحة المالك فقط ولا تلغي بالا لحق المستأجر الخاص بشهرة المكان واسم العمل التجاري (Fame and name) وقد أدى إهمال اللائحة للمستأجر أن اغفل إعلانه في الدعوى المقامة لهدم المباني المستأجرة والتي يستعملها كفندق على أساس عدم صلاحيتها للاستعمال والسكن وقد أصاب القاضي سوني في رأيه المرجوح في هذه القضية حينما أشار لحقوق المدعى المستأجر التي يصونها الدستور مما يستلزم إلغاء المادة الثانية والعشرين من لائحة الحكومة المحلية لسنة 1938م. ونسوق أيضاً كمثال آخر قضية المستأجرين لدكاكين مجلس شعبي المنطقة الشرقية ضد حكومة السودان والتي قالت فيها المحكمة بصريح العبارة: "أن الدستور السوداني يمكن تصنيفه كرصيف أو شبيه للنظام الهندي خلافا لما جرى عليه النظام الأمريكي الذي يرجح سلطة القضاء على البرلمان والنظام الإنجليزي الذي يعطي كل شيء للبرلمان[19].

في هذه القضية كان المدعون يستأجرون عقارات تملكها سلطة عامة هي مجلس شعبي المنطقة الشرقية وقد نشب خلاف بين المؤجر والمستأجرين المدين فاستصدرت السلطة العامة المالكة للعقارات قرارا إدارياً بإخلائهم بموجب قانون إخلاء المباني العامة فلجأو إلى المحكمة طاعنين في صحة القرار الإداري الذي تم إخلاءهم بناءا عليه. وبينما دعواهم الإدارية قيد النظر أمام محكمة الاستئناف أصدرت الحكومة تشريعاً جديداً عدلت بمقتضاه قانون إخلاء المباني العمة وحجبت بموجب حق الطعن الإداري فيما يصدر من قرارات إدارية يخلي بناءا عليها المستأجرون وفقاً لقانون إخلاء المباني العامة، وبذلك رفعت يد القضاء على نظر الدعوى الإدارية، ولهذا طعن المدعون أمام المحكمة العليا في صحة تعديل التشريع الذي مس مراكزهم القانونية كأصحاب حق أهدر. وبالرغم من أن عريضة دعواهم الدستورية أشارت لعدة مواد ومبادئ دستورية كان أهمها المساس بحق اللجوء إلى القضاء وحجب ولاية القضاء (Preclusion of judicial review) رغم ذلك فإن العريضة لم تتطرق صراحة لمصادرة التعديل القانوني لحق أساس منصوص عليه في الدستور هو حق لملكية وهنا قد تثار مسألتان هما أين هو حق الملكية في هذه الحالة وما المقصود به والثانية أن هذا الحق وبافتراض وجوده يمارس ويطالب به في حدود القانون. والإجابة على المسألة الأولى تكمن في إيجار الدكاكين واستغلالها في عمل تجاري مما يؤكد الانتفاع بها وربما نشوء اسم المحل التجاري والشهرة وهذه في حد ذاتها تشكل مالا تستلزم مصادرته أو فقدانه بقرار إداري إتاحة فرصة التقاضي للتأكد من سلامة القرار وملاءمته لمبادئ العدالة واتساقه مع الإجراءات القانون وربما التعويض جبرا للضرر إن لم تتخذ الإجراءات الإدارية السليمة ابتداء. وبالنسبة لممارسة الحق والمطالبة به في حدود القانون فإن صدور قانون يحجب ولاية القضاء يصلح كدفع أمام المحاكم الإدارية ولكنه لا يصلح كأساس.

لإسقاط الحق الدستوري أمام المحكمة العليا الدستورية. في رأيي المتواضع المطلوب إثارته ومناقشته واتخاذ قرار بشأنه أمام المحكمة العليا في الدعوى الدستورية ليس حق المشرع في حجب ولاية القضاء الإداري (Preclusion of judicial review) فهذا أمر قد سلمت به محكمة الاستئناف في مرحلة نظر الطعن الإداري. ولكن المطلوب في مرحلة الطعن الدستوري أمام المحكمة العليا في التحقيق من عدم التشريع المعدل لقانون إخلاء المباني العامة مع حق دستوري أصيل نص عليه كل دساتير السودان المتعاقبة إلا وهو حق الملكية. إذا تبين أن هناك تعارض بين تعديل القانون ونصوص الدستور وجب إلغاء ذلك التشريع كي تتاح الفرصة للمدعين في ملاحقة حقهم أمام محكمة الاستئناف ي الطعن الإداري، ويجدر بنا هنا أن نؤكد أن من حق الدولة أن تصدر من التشريعات ما تراه لتنظيم استئجار أو منح رخص استغلال عقاراتها وعدم معاملة هذه العقارات معاملة غيرها من العقارات المملوكة للأفراد ولها أن تصدر ما تراه مناسباً من القرارات الإدارية تنفيذا وتطبيقاً لهذه القوانين ولكن هذا القرار الإداري يجب أن يخضع لرقابة القضاء فقد يكون القرار الإداري- كم جاء في الرأي المرجوح –مشوباً بعيوب تتعلق بالشكل أو عدم الاختصاص أو إساءة استعمال السلطة أو يكون قد صدر لتحقيق غرض أو مآرب لا علاقة له بالمصلحة العامة أو يكون قد صدر دون سبب مشروع. النأي بالقرار أو الإداري الذي ينطوي على مصادرة حق الملكية عن رقابة القضاء يحصن سلطة المصادرة ونزع الملكية بدرجة تتصادم مع نص دستوري وتتعارض مع هدف أساسي من أهداف الدستور. مبدأ نزع الملكية مبدأ قديم ولكنه يمارس وفقا لضوابط وأسس محددة أهمها التعويض العادل وعندما يحاول المشرع أن يستخدم مبدأ حجب ولاية القضاء (Preclusion of judicial review) في هذه الحالة يكون قد قضى على حق دستوري بحيلة تشريعية ولهذا فإن إلغاء تعديل قانون إخلاء المباني العامة كان يمكن أن ينبني على هذا الأساس وليس على أساس حرمان المدعين من التقاضي وحجب ولاية القضاء. وعلى خلاف ما قررت المحكمة فإن رقابة القضاء الدستورية تمتد هنا لصيانة مبدأ دستوري أساسي منصوص عليه في صلب الدستور ولي استخلاص قاعدة من ضمير الجماعة أو من المبادئ العامة للحق والعدل أو من القانون الطبيعي. عندما تلغى المحكمة مثل هذا التشريع لا تكون –كما قررت هي- قد أقدمت على عمل تشريعي أو خرجت عن مبدأ النهج التفسيري interpretive role ذلك لأنها لم تخلق حقا دستوراً جديداً أو تخرج من نطاق التفسير الذي يبطل تشريعاً تعارض تعارضاً صارخاً مع نص دستوري.

من القضايا القليلة التي طبقت فيها المحكمة العليا مبدأ النهج التفسيري قضية نصر عبدالرحمن محمد ضد السلطة التشريعية[20] التي أبطلت فيها قانون معاقبة الفساد لسنة 1969م فيما يتعلق بأثره الرجعي حيث قالت::-

"لما كانت الوقائع المنسوبة للمتهم الأول (المدعي) قد حدثت أو حدث معظمها في عام 1967م، فإن مد سريان قانون معاقبة الفساد لسنة 1969م على تلك الأفعال، سواء كان ذلك بموجب هذ1 القانون أو بموجب التعديل الصادر في 1972م أو بمقتضى المادة (4) من قانون التعديلات المتنوعة، يكون مخالفاً لأحكام المادتين 70 و [21]222 من الدستور، من ثم يمتنع على القضاء توجيه اتهام بموجب أحكام قانون معاقبة الفساد للمتهم أو استمرار توجيه الاتهام له في هذا الخصوص".

لقد طبقت المحكمة العليا مبدأ النهج التفسيري في هذه القضية تطبيقا سليما فوجد حكمها قبولا لدى كل الدوائر القانونية، وفي اعتقادي أننا مازلنا في حاجة لدعم هذا الاتجاه وتعضيده ذلك لأن الخروج على النهج التفسيري غير محبذ لأنه يطلق يد المحكمة بلا حدود ويجعل منها مشرعا آخرا كما أن إحجام المحكمة عن القيام بالدور التفسيري يجعل المحكمة هيكلا خاويا مقصرا في أداء دوره في الحراسة والتفسير. لقد أراد المشرع عبر دساتير السودان المتعاقبة أن يحكم رقابة القضاء على النشاط التشريعي وأفرد نصوصاً دستورية واضحة لا غموض فيها تمكن المحكمة من إلغاء النصوص القانونية التي تتعارض مع الدستور، كما جاء قانون الإجراءات المدنية وهو القانون المنظم لسبل التقاضي والتظلم.

والطعن – جاء حاويا ومكررا لنفس هذه المعاني[22] ومن خلال هذه النصوص الإجرائية أصبحت المحكمة العليا هي الجهة القضائية الوحيدة التي يبدأ وينتهي عند التقاضي حول دستورية القوانين وعلى عكس الأسلوب الذي أخذت به بعض الدول الأخرى لا يجوز الدفع بعدم دستورية القانون أمام أي محكمة ابتدائية عند نظرها لأي قضية وأن الطعن بعدم دستورية أي قانون لا تصح إثارته أمام أي محكمة ابتدائية ولكن يرفع رأسا للمحكمة العليا مما يلقي على عاتقها مزيدا من المسئولية التي تتطلب دوراَ فاعلاً، ولن يتحقق هذا إلا بتطبيق النهج التفسيري تطبيقاً سليماً. وهذا يعني التقيد بقواعد التفسير والالتزام بالنصوص الدستورية وإجازة التشريعات أو إبطالها في ضوء صياغة التقنين الدستوري والنص القانوني وفي ضوء الخلفية التاريخية لهذه النصوص والتي تبين مراميها وأهدافها وحينما يتعارض نص تشريعي مع توجيهات الدستور ونصوصه فلا مناص من إلغائه. هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى لابد من الوقوف عند حد التفسير وعدم تجاوزه لخلق حقوق دستورية جديدة أو لتحميل النصوص أكثر مما تحتمل أو لغرض وإملاء فلسفة وآراء قضاة المحكمة العليا استناداً إلى بعض المعايير الفضفاضة والصيغ المبهمة كالقول بأن هذا القانون ينطوي على الظلم وإهدار العدالة أو أنه قانون جائر أو هوائي أو غير منطقي أو لا يتمشى مع قوانين الطبيعة ومنطق الأشياء إلى أخر الصيغ والأساليب التي يمكن أن تستعمل لاطلاق يد المحكمة بصورة تجعلها مشرعا وليس مفسرا للنصوص الدستورية وحارسا لها.



مراجــع البحـــث



أولا: العربيــة:

· الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي – رسالة دكتوراه – د. فتحي عبد الكريم – مكتبة وهبة 14 ش الجمهورية عابدين – 1984.

· التجربة الديمقراطية في السودان – د., أحمد شوقي محمود – 1986.

· السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي – د. سليمان الطماوي – الطبعة الخامسة – مطبعة جامعة عين شمس – 1986.

· السودان في قرن – مكي شبيكه.

· المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية – د. عبد الكريم زيدان – دار عمر بن الخطاب للطباعة والنشر بالإسكندرية 1969.

· مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون في الفقه الإسلامي – د. فؤاد الفادني – القاهرة 1983م.

· تاريخ السودان الحديث – ضرار صالح ضرار – منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت- 1965.

· منشورات المهدية – د. محمد إبراهيم أبو سليم – دار الجيل – الطبعة الثانية – 1979.








(1) قال ماديسون (Madison) في استعراضه لوثيقة الحقوق:-

“If they (The Bill of Rights) are incorporated into the Constitution, independent tribunals of justice will consider the4mselves in a particular manner the zo guardians of those rights. “See a”nuals of Congress 439.

[2] مقالة لرئيس القضاء الأمريكي السابق وران بيرفر: الهيئة القضائية – أصل الرقابة – أصل الرقابة القضائية.

Warren E. Burger, The Judiciary: The Origins of Judicial Review, National Forum: The Phi Kappa Phi Journal, Volume L S IV No4 (Fall 1984).

[3] قال رئيس القضاء جون مارشال في فضية ماريري وماديسن:

“It is… the province and duty of judicial department, to say what the law is. Those who apply the rule to particular cases must of necessity expound and interpret that rule. If tow laws conflicts with each other, the court must decide on the operation of each. So, if a law be in opposition to the Constitution; if both the law and the constitution apply to a particular cases.

The court must determine which of these conflicting rules governs thee case. This is the very essence of judicial duty. If then, the courts are to regard the Constitution, and the Constitution is superior to any ordinary act of the Legislature, the Constitution and nor such ordinary act must govern the case to which they both apply.

عين الرئيس جون ادمز (John Adams) ثاني رئيس للولايات المتحدة الأمريكية آخر أيام حكمه وقبل أن يستلم خلفه الرئيس توماس جيفرسون مقاليد الحكم (45) خمسة وأربعين قاضياً وكان ضمن من أختارهم المدعى ماريري ولم يستطع وزيره جون مارشال والذي أصبح فيما بعد رئيسا للقضاء إكمال إجراءات التعيين حتى تعين جيفرسون رئيسا للجمهورية الذي ألغى التعيينات فتقدم المدعي ماربري بطعن ضد هذا القرار مستنداً إلى القانون الذي خول الرئيس السابق أجراء هذه التعيينات.

وكان من الممكن أ، يحكم القاضي مارشال لمصلحة المدعى تأسيساً على ذلك القانون لكنه قضى بعدم صحة ذلك القانون لتعارضه مع الدستور مفضلاًُ بذلك تأسيس مبدأ الرقابة القضائية.

معظم القوانين التي أبطلتها المحكمة أصدرتها حكومات الولايات وليس الكونقرس ذلك لأن معظم شئون الحياة الداخلية لحكومات الولايات وليس الحكومة الاتحادية بنص الدستور.

(5) قال عن المحكمة العليا أنها:

“An irreponsib body… working like gravity by night and by day, gaining a little to day and a little tomorrow, and advancing its noiseless step like a thief, over the field of jurisdiction…” leter to Charles Hammond, 18 Angust 1821, in the Wrtings of Thomas Jefferson, Memorial Edition, P. P33-32.



[6] قال أندرو جاسكون متحديا:

“Well, John Marashall has made his decision-now let him enforce it.”

[7] The quip stating: Switch in time saved nine"



[8] الخصوصية التي اشتمل عليها الدستور تتعلق بحرمة المساكن والحرية الشخصية راجع قضية قرسولد ضد كونيكيتكت Criswold V. Counecticut المتعلقة بإلغاء التشريع الذي يحظر أساليب منع الحمل استنادا إلى مبدأ الخصوصية وأيضا راجع قضية رو ضد ويد (Roe v. Wadwe (1973) والمتعلقة بحق المرأة الحبلى في الإجهاض وإلغاء القانون الذي ينظم ويحدد الظروف التي يمكن أن يجري فيها الإجهاض للتخلص من الجنين على أساس أن هذا القانون يتعارض مع مبدأ الخصوصية.

[9] راجع قضية براون ضد لجنة التعليم Brown V. Board of Education التي أبطلت فيها المحكمة في حكم شهير قوانين التفرقة العنصرية في مؤسسات التعليم التي كانت تنص على المساواة مع الفصل العرقي وأجابت الطلاب السود لحقهم في دخول المدرسة التي يرتادها أبناء البيض بالرغم من وجود مدارس للسود تتوافر فيها نفس الظروف والمناهج الموجودة في نظيراتها من مدارس البيض.

[10] راجع قضية عمال الحديد ضد ويبر Steelworkers V. Weber affirmative action program التي أيدت فيها المحكمة القانون الذي يطعن فيه المدعون بالبرامج الإصلاحية المقامة لصالح الأقلية التي أيدت فيها المحكمة القانون الذي يطعن فيه المدعون والخاص بالبرامج الإصلاحية المقامة لمصلحة الأقلية بمنحهم وظائف بنظام (الكوتة) الحصة مع الاحتفاظ لهم بحق المنافسة في باقي الوظائف الأخرى التي لم تضمن في حصتهم الخاصة (الكوتة) أيضا راجع قضية فولي ضد كونلي Foley V. Connelie (1978).

[11] لم يخف دارسو القانون المقارن الفرنسيين والإنجليز تعجبهم من هذا المبدأ الدستوري منذ عهد الكونت دي توكفيل في عام 1835م Couri de Tcaueville ومروراً بعهد لدلاسكي في 1946م Harold laski وسير دينس بروقان في عام 1954م Sir Denis Brougan وأميل بوتمي Emile boutmy القائل:

I don not know of any more striking political paradox than this supremacy of a nonelected Dower in a democracy repute to be of the extreme type.



[12] كتب السلطة الحاكمة في مصر ذات مرة لحاكم عام السودان آنذاك تذكرة بأن العدالة فلي دنقلا ليست على ما يرام وأن الأساليب الوحشية التي تستعمل في أخذ الاعترافات من السجناء غير عادلة راجع كتاب:- E.C. French. Gordon Pasha of the Sudan 140

[13] د. محمد إبراهيم أبو سليم: منشورات المهدية ص 66 (دار الجيل بيروت- الطبعة الثانية 1979م).

[14] الفحل الطاهر عمر: إدارة العدالة إبان المهدية، (مجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة 1964م ص 167). بحث مكتوب باللغة الإنجليزية. اعترض قاضي الإسلام الشيخ الحسين إبراهيم الزهراء في مجلس الخليفة على الضريبة التي فرضها على الناس ليقابل بها نفقات حرسه من الجنود الملازمين على أساس أنها لا تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية فسأله الخليفة عما يجب عمله لتغطية نفقات الجند الذين يعتمد عليها في حراسته وعندما أجابه القاضي الشيخ الحسين إبراهيم الزهراء بأن عدد هؤلاء الجند كبير وجيب أن يسعوا لكسب عيشهم وأن في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة إذ مات ودرعه مرهون ليهودي اتهم على الفور بالكفر والإلحاد بمقولة أنه قد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالفقر وأرسل إلى السجن حيث منع عنه الطعام والشراب حتى مات من العطش والجوع وأخفي مكان قبره عن الناس.

[15] نصت المادة السابعة من الدستور الانتقالي لسنة 1985م على الآتي:-

يقوم النظام السياسي على حرية تكوني الأحزاب السياسية ويحمي القانون الأحزاب الملتزمة بالمثل والوسائل الديمقراطية في هذا الدستور.

ونصبت المادة (8) على استقلال القضاء وفصل السلطات بقولها: السلطة القضائية سلطة مستقلة وليس لأية سلطة تنفيذية أو تشريعية حق التدخل في أعمالها أو الرقابة عليها. كما نص المادة (11) على الآتي: تخضع الدولة وكل شخص طبيعي أو معنوي رسميا كان أو غير رسمي لحكم القانون كما تطبقه المحاكم، ولا يستثنى ذلك إلا الحصانان والامتيازات التي يقررها القانون. ونص المادة 125(1) على النحو التالي:

أ – تفسير الدستور والنصوص القانونية.

ب- الطعن في المسائل الدستورية ودستورية القوانين.

ج – حماية الحقوق والحريات الأساسية التي كفلها الدستور.

د – تنازع الاختصاص القضائي.

هـ- الطعن بالنقض وفقا للقانون.

و – أية مسائل أخرى يقررها هذا الدستور أو القانون.

[16] جوزيف قرنق وآخرين ضد مجلس السيادة – مجلة الأحكام القضائية لسنة 1985م ص 16.

[17] لجنة مباني الخرطوم أفانجيلوس أفانجيليدي، مجلة الأحكام القضائية لسنة 1958 ص 16.

[18] المادة السادسة من الدستور المؤقت تقرأ كما يلي:-

لا يجوز القبض على أي شخص أو حجزه أو حبسه أو حرمانه من استعمال ممتلكاته أو من تملكها إلا وفقاً لأحكام القانون.

[19] المستأجرون لدكاكين مجلس شعبي المنطقة الشرقية ضد حكومة السودان – نشرة الأحكام القضائية السودانية لأكتوبر ونوفمبر وديسمبر 1979م ص 137.

[20] نصر عبد الرحمن محمد ضد السلطة التشريعية – مجلة الأحكام القضائية لسنة 1974م ص 74.

[21] تنص المادة 70 من الدستور الدائم الصادر في 8/5/1973م على الآتي:-

لا يعاقب أي شخص عن جريمة ما إذا لم يكن هنالك قانون يعاقب عليها قبل ارتكاب تلك الجريمة كما لا يجوز أن توقع على أي شخص عقوبة اشد من تلك التي ينص عليها القانون الذي كان نافذ المفعول ساعة ارتكابها.

وتنص المادة 222 على مبدأ سمو الدستور فهي تقرأ: "يستمر العمل بجميع القوانين والأوامر المعمول بها وقت صدور هذا الدستور ما لم ينته سريانها أو تلغ أو تعدل على أنه في حالة تعارضها معه تسود أحكام هذا الدستور.

[22] يشمل اختصاص المحكمة العليا المنصوص عليه في المادة (16) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م ما يلي:-

1- الفصل في دستورية القوانين.

2- الفصل في الطعون في القوانين الإقليمية والقوانين الفرعية بحجة مخالفة أي منها للقوانين المخولة.

3- تفسير الدستور والنصوص القانونية.

4- حماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور.
BAHRAIN LAW
مدير الموقع
مدير الموقع
 
مشاركات: 758
اشترك في: الأربعاء سبتمبر 17, 2008 5:36 pm
الجنس: ذكر

العودة إلى مجلة الاحكام القضائية السودانية

 


  • { RELATED_TOPICS }
    ردود
    مشاهدات
    آخر مشاركة

الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 31 زائر/زوار