بواسطة ر.السّندي » الاثنين أكتوبر 13, 2008 10:17 pm
أعتقد أن الموضوع لازال شائك فهناك مَنْ يُعارض مثل هذا الأمر وهناك مَنْ يؤيّده ,ولكلا الفريقين أسبابهما .
الجدير بالذكر أن هناك تجربة في سجن الإحساء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1987 في تطبيق الخلوة الشرعية بين المسجونين وزوجاتهم ،وتبعها في هذا النهج كل من الكويت واليمن وليبيا وتونس والمغرب وقطر ودبي.
ومن الحجج التي يستند عليها المعارضين لهذا الأمر أنهم يعبرونها امتهاناً للمرأة كما أنها تعطي حقاً للمسجون ليس من حقه. فضلاً عن أن السجن ليس المكان المناسب لممارسة المعاشرة الجنسية أو الحق الشرعي بين الزوجين، فتطبيق نظام الخلوة الشرعية يتطلب توفير أماكن خاصة يستطيع الأزواج لقاء زوجاتهم فيها دون أن يمس ذلك من كرامة الزوجات؛ لأنه لا بد من رعاية كرامة الزوجة التي تذهب إلى زوجها المسجون بغرض المعاشرة الجنسية والخلوة الشرعية. كما أنه لا يتوقع أن توافق الزوجة على رغبة زوجها بأن تذهب بنفسها لإدارة السجن وتطلب لقاء شرعيًا مع زوجها السجين؛ لأن ذلك بمثابة إهدار لكرامة المرأة المسلمة. ولا يغيب عن ذهننا أن هناك مساجين لا تزيد مدة سجنهم عن سنة فهل يحتاج هؤلاء إلى الالتقاء بزوجاتهم في السجن؟ فهي لا تناسب جميع السجناء ولا حالتهم الاجتماعية ، والعلة في ذلك أن بعض المعتقلين لهم أكثر من زوجة، فهل المطلوب من وزارات الداخلية في هذه الحالة أن تعدل بين الزوجات، أم تترك أمر العدل للزوج الذي دخل السجن بعد أن افتقد ضميره، وارتكب إحدى الجرائم؟ والسؤال الذي يعترض أفق الموضوع هل هذه التجربة ستطبق على سجن النساء المحكوم عليهن في بعض القضايا؟ وكيف تقوم وزارات الداخلية بالتوفيق بين زوج محبوس في سجن وزوجته المحكوم عليها في سجن آخر…؟".
لذا لا بد من المراجعة والتمحيص الجيد والدراسة العميقة لعواقب وآثار مثل هذا الأمر فماذا يكون الحكم إذا امتنعت الزوجة عن مقابلة زوجها المسجون؟ هل تعتبر ناشزًا؟ وإذا رفض الزوج مقابلة زوجته المسجونة فهل من حقها أن تطلب الطلاق للضرر أو تخلعه؟ وإذا طبقت هذه التجربة فهل يجب على وزارات الداخلية أن توفر مكانًا يطلق عليه راحة المسجونين، للخلوة الشرعية، بين المسجون وزوجته،
وخلاصة الآراء المعارضة هي أنها ترى في مثل هذا الأمر خدشا للحياء ، كما أنها تعتبرها عمليات محفوفة بالمخاطر من حيث تحريك الكامن في أجساد ونفوس المسجونين والذي لا يجوز التحكم في مواعيد نشاطه وسكونه عن طريق إدارة السجن . الامر الذي يدفع بالسجين للبحث عن وسائل أخري ولو غير مشروعة لإشباع هذه الحاجات ، كأن يلجأ لإغتصاب أقرانه أو لمعاشرات جنسية شاذة عن طريق العلاقات المثلية سواء بين الرجال والرجال أو النساء والنساء.. وبالتالي ندخل في مأزق آخر !!
أما مَنْ يؤيّدون مثل هذه التجربة , فهم يستندون على أسباب أبرزها : إن السجن عقوبة شخصية وليس عقوبة جماعية لقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" أي أن العقوبة لا تنتقل إلى شخص آخر، ومن حق زوجة المسجون ألا تحرم من الحقوق الزوجية الخاصة؛ لأن الحياة الزوجية إذا استمرت بين الزوجين ولم تطلب الزوجة الطلاق بعد دخول زوجها السجن فمن المفروض أن تكون هناك حقوق زوجية شخصية خاصة بين الزوجين ـ أي المعاشرة الزوجية ـ حفاظًا على الأسرة والأبناء . فمن المسلمات أن زوجة السجين لم تنقطع صلتها به، بل الزوجية قائمة باقية ، ثم إن الغريزة الجنسية موجودة لدى الرجل المحكوم عليه بالسجن، وهناك من يرى أن الخلوة الشرعية بين المسجون وزوجته ليست نوعًا من الترفيه، بل هي واجب مثلها مثل الصلاة؛ لأن العلاقات الزوجية أحق عبادة كالصلاة والزكاة، وقمة العبادة هي ارتباط العلاقة الزوجية بما يحقق الغرض منها وهو بناء أسرة سليمة اجتماعيا ووجود النسل الصالح. ورداً على الرأي القائل بأن الخلوة تحرك غرائز كامنة في نفوس المسجاين , يرى الفريق المؤيّد ضرورة توفير هذا الأمر ، لأن الرغبات والغرائز لا يصح إغفالها أو التغافل عنها. خاصة وأن تجاهلها وإهمالها يؤدي إلى تأثيرات نفسية وسلوكية غير سوية، وهو طريق آخر لانحراف السجناء، والحل الصحيح هو السماح بلقاء خاص في مكان مهيأ بين السجين وزوجته، إذ ليس في الشريعة الإسلامية ما يمنع من ذلك وفق ظروف إنسانية لا تخدش حياء السجين أو زوجته. والملفت في الأمر أن الغريزة لا تقتصر على الرجل فقط بل هي أمر فطري في الزوجة، وإهماله وعدم مراعاته قد يؤدي إلى انحراف الزوجة وطلب تلبية هذه الغريزة بغير الطريق الشرعي لها، وهو يؤدي ولا شك إلى فساد المجتمع وظهور الزنا وغيره، وقد عملت الشريعة الإسلامية على سد كل الطرق المفضية إلى انتشار الفحشاء بين الناس، وعملت كذلك على حماية الفرد والمجتمع من طرق الغواية. أما عن تخصيص الأماكن المناسبة فيشير المؤيدين إلى ضرورة أن يكون هناك مكانا آمنا مجهزا يجتمع فيه الرجل بزوجته، بحيث لا يطّلع عليهما أحد وأن يكون هذا بصفة دورية.
وينضم إلى فريق المؤيدين علماء الشريعة ,علماء الاجتماع والقانون ،واتفقوا على أن في حالة تطبيق هذه التجربة في السجون سيؤدي هذا إلى انخفاض معدل الجريمة والانحراف وتراجع الممارسات الجنسية الشاذة .
وانطلاقاً من مبدأ ( شخصية العقوبة ) أرى أن الخلوة حق للمسجون وزوجته / أو المسجونة وزوجها .مادامت لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية . وكما يُقال التجربة خير برهان .. لنجرب ونحكم !!
فائق الاحترام والتقدير,,,,,,,