أخبار مجنون ليلى
كتب هذا النص في شتاء 1994
قاسم حداد ( 1948 )
ولد في البحرين , ساهم في عملية التحديث الشعري منذ نشر أول كتبه عام 1970 .
صدر له 12 مجموعة شعرية , رئيس تحرير مجلة " كلمات " التي تصدر عن أسرة الأدباء والكتاب في البحرين , شارك في لقاءات شعرية عربية وعالمية , له مساهمات في العديد من الصحف العربية و المجلات الثقافية العربية .
ضياء العزاوي ( 1939 )
ولد في بغداد , درس الآثار في جامعة بغداد و الفن في معهد الفنون الجميلة , أقام العديد من المعارض الشخصية في أنحاء مختلفة من العالم إلى جانب مساهماته في المعارض الدولية , له أعمال في العديد من المتاحف والمكتبات الوطنية في أوروبا و الولايات المتحدة . نشر العديد من الكتب المحدودة لشعراء عرب بارزين بالإضافة إلى إصداراته من المجموعات الفنية المحدودة .
الخطوط للفنان عبد الإله العرب .
سأقول عن قيس
*
عن هوىً يسكن النار
عن شاعرٍ صاغني في هواه
عن اللون و الاسم والرائحة
عن الختم والفاتحة
كنتُ مثل السديم
استوى في يديه
هداني إليه
برئتُ من الناس لما بكاني إليهم
زها بي وغنوا الأغاني بأشعاره
فما كان لي أن أقدّر أشعلني أم طفاني
سأقول عن قيس
عن جنةٍ بين عينيّ ضاعت
عن هواءٍ أسعف الطير واستخفّ بنا واصطفانا
عن كلما همّ بي تهتُ فيه
وباهيتُ كي نحتفي بالمزيج
عن العشق تلتاع فيه الحجاز
ويشغف في ضفتيه الخليج
سأقول عن قيس
عن حزنه القرمزي
عن الليل يقفو خطاه الوئيدة
عن الماء لما يقول القصيدة
بكى لي البكاء
وهيّأ لي هودجاً
وانتحى يسأل الوحش عني
كأني به لا يرى في القوافل غير الخيول الشريدة
سأقول عن قيس
عن العامري الذي أنكرته القبيلة
عن دمه المستباح
عن السيف لما انتضاه من القلب
واجتاز بي أرض نجدٍ ليهزم كل السلاح
عن اللذة النادرة
عن الوجد والشوق والشهقة الساهرة
عن الخيل تصهل بي في الليالي
عن الصهد يغسلني في الصباح
و يا قيس يا قيس جنّنتني أو جننت
كلانا دمٌ ساهرٌ في بقايا القصيدة
هو قيس وهو معاذ بن كليب وهو قيس بن معاذ العقيلي وهو البحتري بن الجعد وهو الأقرع بن معاذ وهو المهدي وقيل اسمه قيس بن الملوّح من بني عامر . ولما سئلت عنه بطون بني عامر بطناً بطناً أنكرته وقالت " باطل وهيهات " ثم قيل إنه لا أحد .
ذهب في حياته بقلب مفقود وعقل مأخوذ . أخبرنا الأصبهاني عن أحد الرواة وكان كاذباً فصدّقناه , عن رجل يرى غيب الناس قال " ثلاثة لم يكونوا قط ولا عُرِفوا , ابن أبي العقب صاحب قصيدة الملاحم , وابن القرِيّة , ومجنون بني عامر "
أما نحن فقد رأينا أخبارنا عنه في رُقعٍ أسقطها الورّاقون واحتفت بها الأحلام وكشفتها لنا طبيعة المحبة أكثر مما كرّها الرواة الذين أعانونا على ما نريد .
فسمعنا من أبي بكر الوالبي الذي أحالنا على غيره ولذّ لنا ما يحلو من الأخذ عن أبي مسكين والشيباني وأبي إسحاق والجوهري والرياشي وابن شبّة والمدائني والمهلبي والأصمعي عن صاحب الأغاني الذي أتاح لظننا شاسع الشك فاهتبلناه . فوقعنا على ما لاءم مزاجنا ثم ساق الله لنا ما تيسّر من أصدق الكذبة في رواة عصرنا فانتخبنا من غواياتهم وتبادلنا معهم الأنخاب وزِدنا في ذلك كما نهوى فطاب لمجنون ذلك واستحليناه .
---
يتبع,